شيزوفرينيا المصريين

يقول المصريون "امشى سنة ولا تخطى قنا" – أى قناة مائية- ويقولون أيضاً "اللى تخاف منه ميجيش أحسن منه"، فهل الشعب المصرى ضد أم مع التغيير.

يقولون أيضاً: "اصرف ما فى الجيب يأتيك ما فى الغيب"، لكنهم يؤمنون دائماً أن "القرش الأبيض ينفع فى اليوم الأسود"!

المشكلة ليست فى أن تلك الأمثال متناقضة.. قد يكون هذا أمرا طبيعياً فى العديد من الثقافات الشعبية، لكن الأزمة فى أن من يؤمن بالمثل الأول يعتقد فى صحة المثل الثانى وتلك كارثة.

أصاب الرعب كل البيوت المصرية من أنفلونزا الخنازير، رغم أن حوادث الطرق تحصد عشرات الأرواح كل يوم ونتعامل معها على أنها قضاء وقدر.

كيف تكون تلك الحوادث قضاءاً وقدراً، بينما تهتم الدولة بصرف الملايين على تطوير الطرق القديمة وشق طرق جديدة وتفشل فى تأمين تلك الطرق بإشارات مرورية وعلامات ضوئية تقلل من احتمالات التصادم.

الشعب الذى يخاف الآن من المؤامرة التى تهدد نصيب مصر فى مياه النيل، هو الذى يهدر ويلوث هذه المياه منذ عشرات السنين.

ليس هناك دولة فى العالم يوجد بها كل هذا الكم من الجمعيات الخيرية، وكل هذا العدد من المتسولين فى الوقت نفسه.

العجيب أن التبرعات تنهال على تلك الجمعيات والصدقات لا تنقطع عن المتسولين، ومع ذلك فى مصر فقط يزيد عدد الفقراء وتتضخم ثروات الأغنياء فى الوقت نفسه.. هل لديكم تفسير؟.

أكثر الشعوب تديناً فى العالم.. انفراد مصرى يوازيه بالقوة نفسها كوننا أكثر شعوب العالم تعايشاًَ مع الرشوة والفساد.

فى مصر وحدها يجاهر بعض رؤساء الأحزاب بتأييدهم لرئيس الحزب الحاكم، فى مصر فقط يهتف شباب تحت الأربعين لمرشح نقابى فوق السبعين " الكبير كبير مش عايزين تغيير".
نفخر بمنتخب الفراعنة ونعتز جداً باللقب، ولا نذهب لزيارة آثار الفراعنة الأصليين، وإذا ذهبنا أفسدناها بدم بارد وعقل غائب.

هل المصريون يعانون من انفصام فى الشخصية.؟ الإجابة لا تحتاج فى رأيى لطبيب متخصص، المهم أن الاعتراف بهذا الانفصام هو البداية الحقيقية لتغيير مصر، لا يصح أن ننتظر هزيمة جديدة كما حدث عام 1967 حتى نعالج أنفسنا ونرد الإهانة ثم نعود لنمارس المرض من جديد.

نحن بحاجة لعلاج فورى وفعال ولطبيب صبور جداً يمتلك "شيزلونج" يتسع لـ 80 مليون شخص، فمن يكون هذا الطبيب.؟

• صحفى بمجلة صباح الخير