عندما هُنّا هُنّا بعدما كنا وكنا وكنا ولا محالة أن تعود الصورة ونرسم من جديد الحكاية بعدما وصلنا القمة واعتلينا عرش الهرم ووقف العالم أجمع تحت سفحه يتأملنا ويتعجب! ينظر إلينا ليحاكينا! يأمل فى الوصول إلينا، وزاد العُجب بنا والتيه إلى أن تهاوينا وسقطنا على الأرض ووجدنا أنفسنا تحت أقدام العالم يطؤنا بأقدامه ويدوس كرامتنا ويحطم أحلامنا.. ثم تهاوينا وتهاوينا حتى وصلنا إلى ما نحن فيه وهو ما لم نصل إليه على مر القرون والعصور والحكام من ذل وإهانة وجوع وفقر وضياع وسط أرض الحضارة والمجد والتاريخ حتى أصبحنا لا نعلم لمن نشكو ومن نشكو وحتى أن أرضنا تلك الحزينة هى الأخرى تبحث عمن تشكو له، ولكنها تعلم من ستشكو وبالطبع سوف تشكونا وتلعننا وتأسف ملايين المرات بعدد ذرات رمالها وترابها وهوائها ومائها وسمائها أن أطعمتنا يوما طعاما أو سقتنا يوما ماء أو كستنا يوما كساء.
فها نحن هُنّا على الجميع، الإخوان قبل الأعداء، وها هم أبناؤنا يقتلون يحرقون يمزقون يجوعون يطردون ويمثل بأجسادهم فى كل بقاع الدنيا، فى اليونان وإيطاليا مئات الآلاف بالبحر قبل أن يصلوا إلى أرض الأحلام ومن وصل منهم ماتت لديه معان كثيرة علمها له الوطن، وفى ليبيا والسعودية والكويت والإمارات والجزائر، وأخيرا لبنان إخوان الدين واللغة والتاريخ وكل الروابط الإنسانية الجميلة التى مسحت جميعها من سجل الروابط، ولم يبق إلا الكره والحقد والغل على كل الألسنة ويطل من كل الوجوه وماتت كرامتنا بين إخواننا، وأصبحنا نلهث خلفهم نناجيهم ونناشدهم ونذكرهم أننا نحن من كنا ولا رد!
ولماذا نعيب غيرنا والحق أن العيب عيبنا، فها نحن أبناء الأرض والوطن لا رحمة بنا ولا شفقة، لا أمان ولا أمانة، لا دين ولا خلق، مات كل جميل بداخلنا وانطفأت الشموع وسقطت هالة النور من فوق الرءوس وتغبرت الوجوه وتحجرت القلوب وما عادت تذرف الدموع وكأننا صرنا حجارة، وإن من الحجارة لما تتفجر منه الأنهار.
فيا أولى الأمر جميعا سوف يلعنكم تاريخ الفقر والجوع، يا من جوعتم شعبنا ونهبتم خيراته فعيرنا العالم بطوابير العيش وأنابيب الغاز والجاز والبنزين، يا من حرمتموه من اللحمة ويوم أن استوردتموها له كانت مسمومة لتقتله وتريحه من هم الدنيا، يا من جلبتم له السرطان والإيدز والمخدرات، يا من نهبتم خيره وتركتم شبابه يتيه بين البلاد ليعيش ذليلا فيها كما كان فى بلده.. يا كل هؤلاء.. يا من امتلأت بطونكم ألم يكفكم بربكم! إن لم يكفكم فلسوف يأتيكم اليوم الذى نمثل بكم فيه كما مُثل بأبنائنا، والأفضل لكم أن تحزموا أمتعتكم وترحلوا واتركونا للجوع لنقهره وللعدو لنقضى عليه وللإخوان كى نستأنس بهم وللكرامة كى نستعيدها وكفانا أن يلعنكم التاريخ.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة