لوفيجارو: معاهدة "ستارت2" لا تعنى تقارب وجهات النظر بين روسيا وأمريكا

الجمعة، 09 أبريل 2010 06:41 م
لوفيجارو: معاهدة "ستارت2" لا تعنى تقارب وجهات النظر بين روسيا وأمريكا صحيفة "لوفيجارو" الفرنسية
إعداد ديرا موريس

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
علقت صحيفة "لوفيجارو" الفرنسية على توقيع معاهدة تقليص السلاح النووى "ستارت 2" بين روسيا والولايات المتحدة الأمريكية أمس الخميس فى براج، ذاهبة إلى أنه على الرغم من أن هذه المعاهدة تمثل لحظة تاريخية، إلا أنها تخفى وراءها نوايا مختلفة. فإذا كان الأمريكان يرون فيها محاولة لكسب دعم موسكو فى الملف النووى، يعتبرها الروس محاولة لاستعادة نفوذهم المفقود.

تحذر الصحيفة من أن الضجة الإعلامية والصور والابتسامات والخطب الرنانة التى صاحبت توقيع هذه المعاهدة وتأكيد الرئيسان الأمريكى والروسى على أهمية المعاهدة "كخطوة أولى" نحو نزع السلاح النووى، والتى تؤكد جميعها على الطابع التاريخى لهذه اللحظة، لا ينبغى أن تمحو من الأذهان كيف أن الروس والأمريكيين لا يزالون يختلفون فى تفسيرهما للمعاهدة وما يترتب عليها. لاسيما أن النوايا الخفية لاتزال موجودة بوفرة، وبخاصة فى روسيا، حيث تظل كراهية أمريكا هى الأساس الإيديولوجى للسلطة الروسية التى تعانى ضعفا من جراء الأزمة الاقتصادية، كما يلاحظ ديفيد ساتر، الباحث فى معهد هدسون. فوراء استئناف المحادثات الروسية الأمريكية حول النووى، يظل الحوار بين واشنطن وموسكو من نواح عديدة "حوار الطرشان".

ويتضح هذا الأمر، كما تستكمل الصحيفة، فى النهج الذى تسير عليه المعاهدة. فعلى الجانب الأمريكى، يرى أوباما، بعد مرور عام على كلمته التى ألقاها فى براج من أجل عالم خال من الأسلحة النووية، أن معاهدة "ستارت" هى الوسيلة لإقناع المجتمع الدولى بجدية القيادة الأمريكية والروسية فى نزع السلاح النووى. كما أنه لم يتوقف عن التذكير باستمرار بأن البلدين، الذين يملكان وحدهما 90 ٪ من الترسانات النووية، لا يمكن أن يتمتعا بالمصداقية إذا لم يتصدا بأنفسهما لمخزوناتهما النووية.

أما على الجانب الروسى تكمن المشكلة فى أن روسيا ليست فى الواقع فى مرحلة توافق مع هذه الأولويات الأمريكية الجديدة. حيث إن معاهدة "ستارت" تكتسب بالنسبة للروس فى المقام الأول "أهمية رمزية"، تعيد ميزان القوة بين أكبر قوتين سابقتين وتسمح فى الوقت ذاته لروسيا التى ضعفت قوتها باستعادة بعض من نفوذها المفقود. إلا أن المعاهدة الجديدة لا تثير حماسة المؤسسات السياسية فى موسكو المقتنعة بأن معاهدة "ستارت 1" كانت بمثابة خيانة للمصالح الروسية.

خاصة أنه مع الضعف الشديد الذى عانى منه الجيش الأحمر السابق، بات السلاح النووى فى نظر موسكو أكثر من أى وقت مضى هو "المعادل" للنفوذ الذى سيسمح لروسيا بالحفاظ على مكانتها.. وهو الأمر الذى "أصبح اليوم مهما بشكل خاص مع الأزمة الاقتصادية وتراجع دور النفط والغاز فى روسيا"، كما يقول الباحث الروسى اليكسى أرباتوف، الذى يخلص إلى أن إحراز مزيد من التقدم فى نزع السلاح النووى سيواجه "العديد من العقبات فى روسيا"، محذرا من أن "الأمر يتطلب القيام بالعديد من الخطوات التى تهدف إلى طمأنة موسكو بشأن النوايا الأمريكية، إذا كنا نريد لهذه المعاهدة أن تكون بالفعل "خطوة أولى" وليست أخيرة على مدى العقود القادمة".

وفضلا عن ذلك، وعلى خلاف الأولويات الأمريكية، كما يذهب الباحث الروسى أرباتوف، فإن العقيدة العسكرية الروسية الجديدة ترى أن حلف شمال الأطلسى لا يزال يمثل التهديد الرئيسى. كما أن نظام الدفاع الصاروخى، الذى تراهن عليه أمريكا بشكل أساسى لجعل العالم أكثر أمنا، لا يشكل فى نظر موسكو سوى رابع أكبر التهديدات، كما أن الانتشار النووى يأتى فى سابع مرتبة بين الأولويات العسكرية الروسية، أما الإرهاب فيحتل المرتبة الحادية عشرة! كما أن الروس لا يستبعدون الخروج من المعاهدة فى حالة ما إذا عرض تطوير الدفاع الصاروخى الأمريكى قدرات روسيا الهجومية للخطر. بالإضافة إلى أنهم يقفون ضد برامج الأسلحة التقليدية الأمريكية الجديدة، التى قد تستخدم صواريخ عابرة للقارات.

ومن الجانب الأمريكى، يكشف عدد من الباحثين الأمريكان مثل ديفيد ساتر أن وراء هذا الإصرار الروسى تكمن تكتيكات "التلاعب" التى يمارسها الكريملين لأنه بحاجة إلى "تهديدات وهمية" لصرف انتباه الرأى العام عن مشاكل الدولة الداخلية، بالإضافة إلى رغبته فى وضع أمريكا فى موقف المتهم. ويتوقع ديفيد ساتر أن "هذه المعاهدة لن تنقى أجواء العلاقات الثنائية بين البلدين. فالبيت الأبيض يتوهم إذا كان يعتقد أنه قادر على الفوز بدعم من الروس فى الملف الإيرانى، عن طريق إجراء هذا الحوار بشأن نزع السلاح".

وهو الرأى الذى يعارضه أندرو كوشين، الخبير فى الشئون الروسية بمركز الدراسات الدولية والإستراتيجية، إذ يرى أن "الروس أصبحوا أقرب من أى وقت مضى من الموافقة على فرض عقوبات على إيران"، مقرا مع ذلك بأنه "سيتم اللجوء إلى حل وسط" فيما يخص طبيعة هذه العقوبات والتى ستكون بالتأكيد "غير كافية".





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة