الكل يبحث عن التغيير ويحلم به ليل نهار، فكلمة "تغيير" جذابة لا تأخذ وقتا لنطقها، إلا أنها تأخذ أعواما وربما قرونا لكى توجد على أرض الواقع، فهى تحتاج إلى التضحيات سواء بالغالى والنفيس، بل وربما التصفية الجسدية.
فـمن الخطأ الاعتقاد أن التغيير يحدث نتيجة تغيير وتبديل مجريات الأمور والمؤثرات الخارجية، وأيضا مخطئ من يتصور مثلا أنه سينفلق البحر اثنى عشر عينا للعرب وللمسلمين حين تنهار الإمبراطورية الأمريكية.
من يتصور أن العالم الإسلامى سينهض بهذا الشكل أقول له لن يحدث، فليس من المعقول قضايا مثل الحرب فى العراق أو احتلال أفغانستان أو احتلال الأراضى الفلسطينية، أو وجود القواعد العسكرية فى البلاد العربية أو مشكلة دار فور أو أزمة المياه فى العالم العربى أو الهجرة الدائمة للعقول من الشرق الأوسط والتدهور الاقتصادى المذرى أن تحل فى ثوانٍ معدود، فكل هذه الأوضاع ستبقى كما هى مقلوبة ولا تقدم فى أى خطوة للأمام.
فالمتأمل فى نهضة الشعوب يدرك أن الشعوب هى التى تنهض بنفسها، فدولة مثل ألمانيا بعد أن دمرتها الحرب العالمية وأهلكتها وقلبتها رأسا على عقب هى التى قامت بنفسها، بل العكس لم تسمح لأى دولة أخرى بتلقى المعونات لتقوم بها، ونماذج أخرى تعرفها جيدا مثل اليابان وفرنسا.... إلخ
وبالتالى فأنا لا أعلم أنه أخذت دولة بأسباب النهضة وقدمت له التضحيات وبذلت المجهود على مدار الأعوام والسنين لكى تتسيد العالم وتأتى فى نهاية المطاف تفسح المجال أمام دولة أخرى لتقود العالم، وتسلم لها زمام الأمور.
فهل من المعقول أن تقوم الصين التى بذلت المجهود منذ عشرات السنين أن تتراجع عن حلمها المشروع!!!، وتقول للعرب تفضلوا أنتم فى المقدمة، أو قل لى هل عندما ستنهار أمريكا ستفسح المجال أمام للعرب ليصبحوا أسياد العالم، بالطبع إنها أحلام خيالية، ولن يحدث حتى يلج الجمل فى سم الخياط.
وللأسف الكل يعتقد أن أوباما جاء ليخلص العالم من الشرور، ويعيد للعرب حقهم، فإذا كنا هذا المنطق السائد فلماذا لم يقم أوباما - الحائز على جائزة نوبل والمخدوع فيه أغلبية العرب والمسلمين - بالانسحاب من العراق أو من أفغانستان، بل لماذا لم يعيد للفلسطينيين حقوقهم، ولماذا سياسة تغميض العين عما تفعله إسرائيل فى غزة؟؟؟
عزيزى القارئ لا تعتقد أنى أقصد الإحباط فى هذا الواقع المؤلم، ولكن أردت أن تفهم ما هو المعنى الحقيقى للتغيير.
لا توجد معانى للتغيير الإ معنى واحد وهو أننا نحن الذى نغير أنفسنا بأنفسنا، وبأيدينا نحن، لا بأيدى غيرنا، ولابد أن نضع فى أذهاننا أنه لن يأتى الغرب فى ذات يوم ويمد يده للعرب وللمسلمين لتقوم لنا قائمة.
لابد أن نضع فى أذهاننا لا فرق بين سياسة أمريكا أو الصين أو روسيا فى سيادة العالم فالكل سواء، وأنه قد حان الوقت لكى ننظر لما فى أيدينا نحن.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة