خالد ادريس

الفساد بين الملكية والجمهورية

الجمعة، 09 أبريل 2010 02:01 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كنت أجلس مع والدى نتحدث فى موضوع هام، وفجأة تجاهلنى واتجه بعينيه ناحية التليفزيون، كان أحد البرامج يعرض لقطات نادرة لحفل زفاف الملك فاروق ثم قيام الثورة ثم مغادرته مصر بعد التنازل عن العرش بصحبة أسرته.

والدى أصابه الوجوم والصمت وراح يهز رأسه يمينا وشمالا، تجهم وجهه وارتفع أنفه لأعلى -وكأنه الملك نفسه- لم يشعر بوجودى إلا عندما انتهت اللقطات، نسى ما كنا نتحدث فيه رغم أهميته وقال الله يرحم الملك وأيامه كان كل شىء موجودا ورخيصا وفيه بركة، رغيف العيش كان كبيرا ونضيفا، وتحدث عن أيام العز التى عاشها فى طفولته، ولولا أننى أعرف أنه نشأ وترعرع فى منزل ريفى بسيط كغيره من الملايين لقلت إنه تربى فى قصر.

تعجبت من انحيازه لأيام الملكية وحكم الفرد والفساد الذى كان يميز هذا العصر، ورغم أننى لم أعاصر الملك ولكننى قرأت عن هذا العصر وأدرك أن سلبياته لن تضاهى ما نحن فيه وتعد نقطة ماء فى بحور الفساد التى نعيش فيها الآن، جلست أستمع إليه وهو يفند أسباب انحيازه للملكية، كان هناك إقطاعيون نعم ولكنهم من سلالات الحسب والنسب ورثوا ثرواتهم عن آبائهم وأجدادهم، طبقة تحافظ على نفسها فلا يتزوج السيامى بالبلدى حتى لا يختلط الحابل بالنابل، أما الآن فهناك إقطاعيون من نوع جديد، لا تعرف لهم هويةً ولا تاريخا.

مجموعة من مجهولى النسب الوصوليين ظهروا فى غفلة من الزمن، بثروات مشكوك فيها لا يعرف أحد مصدرها، زعموا أنهم عصاميون كونوا ثرواتهم بالعرق وصعدوا من القاع إلى القمة فى سنوات قليلة رغم أن غيرهم لو عمل أضعاف سنوات عمره لن يجمع كسرا من عشرة فى المائة مما جمعوا، فليس بالعمل وحده تتكون الثروات، تمسحوا بالسلطة وصاهروا الحكومة وأنجبوا جيلا جديدا من الفساد، دهسوا الناس واشتروا النفوس بالفلوس واستولوا على الأرض وهتكوا العرض، وصارت الرشوة شعارا فى زمن لا سيد فيه إلا من يملك المال، غسلوا أموالهم المشبوهة فى نهر الاستثمار وسخروا ثروات البلد لحسابهم، واقتحموا كل المجالات حتى الإعلام لزوم الوجاهة وحماية المصالح.

ووصل الأمر إلى إنشاء دكاكين فضائية أسوة بالدكاكين الصحفية، دعموا البلطجة واستقطبوا المحتاجين وضعاف النفوس واستخدموهم فى القتل والخطف والسرقة، فى الملكية كان الملك يحكم ومن بعده ذريته وولاة عهده، وكانت هناك حكومات متعاقبة بعضها يهادن وبعضها يعارض، وكانت هناك حكومات تقدم استقالاتها.

وفى الجمهورية أصبحنا كالذين رقصوا على السلالم لم نعد ملكية ولا حتى جمهورية ولكن أصبحت البلد مهلبية، قالوا فى الملكية هناك فساد ورشوة ومحسوبية، والآن نخر الفساد فى كل الهيئات والمؤسسات وتحور وأصبح كفيروس قاتل يوشك أن يحصد أرواح الملايين، وصار البلد مهترئا كإنسان بلا مناعة يسهل على أضعف فيروس أن يقضى عليه، البلد فى حاجة إلى مطهر يقضى على الفيروسات وحاملى العدوى الذين لا أمل فى شفائهم.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة