رصدت مجلة فورين بولسى الأمريكية تراجع الحريات فى عدد من بلدان الشرق الأوسط، وقالت إن تقارير منظمة فريدوم هاوس الأمريكية السنوية عن تقييم الحقوق السياسية والحريات المدنية والتى تحمل عنوان "الحرية فى العالم" كشفت على مدى السنوات الأربعة الماضية على التوالى، عن تدهور مثير للقلق على الصعيد العالمى. وتؤكد النتائج التى صدرت حديثاً لتحليل أكثر تفصيلاً عن الحكم الديمقراطى تحت عنوان "بلدان فى مفترق الطرق" الاتجاهات المثيرة للجدل عن جودة المؤسسات وعمق حريات المواطنيين عبر مجموعة من الدول المختارة تحتل مستوى سياسى متوسط فى العالم.
فالمشاكل الموجودة فى عدد من المناطق يعانى منها الشرق الأوسط بشكل أكبر. ففى كل التحليلات الصادرة عن منظمة فريدوم هاوس، دائماً ما كانت دول الشرق الأوسط تحصل على أقل الدرجات. ولعل العامل الأساسى وراء ذلك هو عدم وجود انتخابات حرة ونزيهة، إلا أن العجز المؤسسى على نظاق واسع وغموض عملية صنع القرار السياسى، وانعدام المساءلة على انتهاكات حقوق الإنسان، وانتشار التمييز العرقى والدينى، كل ذلك أدى إلى حالة من الضعف العام فى الأداء.
ونشير فورين بولسى إلى أن تقرير "بلدان فى مفترق الطرق" قد استمد نتائجه عن حالة الحكم الديمقراطى من 75 سؤال منفصل تم ترتيبها فى 17 صفحة وبحسب أربع فئات أساسية وهى المساءلة وصوت الجمهور، الحريات المدنية، حكم القانون ومكافحة الفساد والشفافية.
وتضمن تقرير 2010 عدد من الدول العربية وهى البحرين والأردن ولبنان والسعودية واليمن، وقد تبين وجود مجموعة من نقاط الضعف والقوى فيما يتعلق بجودة المؤسسات واحترام الحريات الأساسية، إلا أن هذه الدول كانت مختلفة عن نظيراتها فى أماكن أخرى من العالم بشكل عام. والأمر الذى يدعو أكثر إلى القلق، هو أن النتائج الخاصة بثلاث دول مع مقارنتها ببيانات سابقة كشفت عن وجود مسار سلبى إلى حد كبير خلال الفترة ما بين ديسمبر 2005 إلى يونيو 2009.
وقد تم إدراج اثنيتن من هذه الدول لأول مرة فى المسح، وهما المملكة العربية السعودية ولبنان، وقد احتلتا أعلى وأدنى المراتب فى الأداء الإقليمى على التوالى. فالنظام السياسى الفريد فى لبنان يسمح بمشاركة العديد من الطوائف العرقية، إلا أن صلابته تحد من آفاق التقدم فى عدد من المجالات الهامة مثل الإصلاح القضائى وجهود مكافحة الفساد. فى حين أن السعودية تظل دولة أوتوقراطية تقوم على الحكم الدينى الذى يقيد حقوق الأفراد فى كل المجالات تقريباً.
ويمكن مقارنة البحرين والأردن واليمن بالنتائج السابقة لهم فى عام 2006، ولم تكن التطورات التى حدثت مشجعة. فالأردن التى كانت فى وقت ما تمتلك واحدة من أفضل البيئات فى المنطقة الواعدة بإصلاح الحكم، تراجعت إلى حد كبير وأصاب الركود عدد من المجالات الرئيسية فيها. وكانت الانتكاسات الكبرى مرتبطة بتدخل الحكومة فى انتخابات عام 2007 بشكل أكبر مما حدث فى الانتخابات السابقة. وتم فرض قيود جديدة على نشاط المجتمع المدنى وزيادة معدل إسقاط الجنسية عن فلسطينى الضفة الغربية. بينما سجعلت معدلات الشفافية ومكافحة الفساد ارتفاعاً طفيفاً بفضل قانون حرية المعلومات الجديد.
وكانت كل من البحرين واليمن من ناحية أخرى، بين أكثر الدول من أصل32 دولة تقمع الحريات المدنية، فمثلا فى اليمن الذى أرهق كاهله الصراع ومزق أوصاله، استخدمت السلطات أساليب تعسفية ومهينة لمواجهة الاضطرابات المدنية فى الوقت الذى شدد فيه الرئيس اليمنى، على عبد الله صالح، قبضته للحصول على مقاليد السلطة. وانخفض مستوى الأداء فى كل واحدة من الفئات الرئيسية الأربع، خاصة مع الضرر الذى ألحق بالحريات المدنية بسبب الانتهاكات التى أقدمت عليها قوات الأمن، وتصاعد القيود ضد الممارسات الدينية.
أما فى البحرين، التى يحكم فيها الأقلية السنة الأغلبية الشيعة، أدت التوترات المتزايدة وأعمال العنف ضد الأنشطة السياسية إلى تراجع حماية المواطنين من إرهاب الدولة، وحرية تشكيل الجمعيات، والحرية الدينية. وتراجعت كذلك مساحة حرية التعبير فى الوقت الذى صعدت فيه الحكومة من قيودها على الحصول على المعلومات من شبكة الإنترنت واعتقلت الكثير من المدونين.
وقالت فورين بوليسى إن الغموض ينتشر فى المنطقة ككل، وبات أمرا شائعا بين صفوف طبقات النخبة القليلة، وهو ما أدى إلى عدم وجود بيئة صالحة لمكافحة الفساد، وغالبا ما تغفل دول الشرق الأوسط حقوق الأقلية، وحقوق المرأة، ووجود حكومة مسئولة، فضلا عن أن بعض من هذه الدول يستخدمون أساليب مختلفة لقمع الحريات الأساسية.
وأشارت المجلة كذلك إلى أن الاستطلاع وجد أن الحريات الديمقراطية تخضع لضغوط شديدة فى ثمانية دول أربعة منهم فى الشرق الأوسط؛ وهم البحرين والأردن والمملكة العربية السعودية، واليمن.
للمزيد من الاطلاع اقرأ عرض الصحافة العالمية على الأيقونة الخاصة به.
