الرئيس السودانى عمر البشير، الذى يخوض الأسبوع المقبل أول اختبار انتخابى بعد 21 عاماً فى السلطة، هو عسكرى محترف تولى الحكم بدعم من الإسلاميين، وصدرت بحقه مذكرة توقيف دولية صادرة من المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب.
واعتاد البشير، البالغ من العمر 66 عاماً، والذى يتناوب على ارتداء الزى الشعبى السودانى أو العسكرى أو الزى الأوروبى، على افتتاح خطاباته ذات النزعة الشعبوية برقصة تقليدية ملوحاً بعصاه.
وشهدت سنوات حكمه الواحدة والعشرون على رأس أكبر بلد أفريقى، حروباً أهلية فى الجنوب إلى حين توقيع اتفاق السلام فى 2005، وكذلك نزاعاً مع حركات التمرد فى دارفور منذ 2003. وبات فى مارس 2009 أول رئيس فى التاريخ تصدر بحقه مذكرة توقيف من المحكمة الجنائية الدولية، وذلك بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية فى دارفور.
وقبله صدرت بحق تشارلز تايلور رئيس ليبيريا السابق وسلوبودان ميلوشيفيتش رئيس يوغوسلافيا الراحل مذكرات توقيف دولية، لكن ليس عن المحكمة الجنائية الدولية المكلفة محاكمة جرائم الحرب.
وولد عمر حسن البشير فى 1944 فى قرية حوش بنقاء، التى تبعد 150 كلم شمال الخرطوم وكان تواقاً منذ شبابه للانتساب إلى الجيش. وفى 30 يونيو 1989، قاد العميد البشير بدعم من الجبهة الإسلامية بزعامة حسن الترابى مجموعة من الضباط لقلب حكومة الصادق المهدى المنبثقة عن انتخابات تعددية.
وبتأثير من الترابى، الذى بات اليوم أحد ألد خصومه، أرسى البشير دعائم حكم إسلامى متشدد فى بلد يعد 40 مليون نسمة ويقوم على الانتماء القبلى ومنقسم بين أغلبية مسلمة فى الشمال والجنوب الذى يدين معظم سكانه بالمسيحية أو يتبنون معتقدات أرواحية.
وفى تسعينات القرن الماضى، باتت الخرطوم موئلاً للتيارات الإسلامية الجهادية كتلك التى قاتلت فى أفغانستان، ومنها زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، الذى طرد لاحقاً بضغط من الولايات المتحدة. وفى نهاية العقد، تدهورت العلاقات بين البشير والترابى، الذى اقترح فى 1999 مشروع قانون يحد من سلطات الرئيس.
لكن البشير رد بعنف وطوق الجيش المجلس الوطنى (البرلمان) الذى كان يترأسه الترابى، ثم أعلن حله. وبعد ذلك، حاول البشير الابتعاد عن الإسلاميين المتشددين وتحسين علاقاته مع جيرانه والمجتمع الدولى، وإقامة شراكات اقتصادية مع الخليج ودول آسيا، خصوصاً الصين أول مستورد للنفط السودانى، ولكن مع صدور مذكرة التوقيف الدولية بحقه، جدد مقارعته للغرب الذى يتهمه بأنه ينزع إلى "الاستعمار الجديد".
ووقعت حكومته اتفاق سلام مع المتمردين فى جنوب السودان يمهد لتقاسم السلطة ولإجراء استفتاء فى 2011 حول استقلال الجنوب، حيث يتركز الاحتياطى النفطى للبلاد. ويقول المعارض السياسى والضابط السابق فى الجيش عبد العزيز خالد، إن "الناس لا يعرفون أن البشير يعتبر جنوب السودان بلداً مختلفاً من وجهة نظر ثقافية".
والبشير الذى أمضى أطول فترة فى الرئاسة فى السودان منذ استقلال هذا البلد فى 1956، يدين بهذا الحكم الطويل لعلاقاته الوثيقة داخل الجيش. ويقول المؤرخ الأمريكى روبرت كولينز عنه، إنه "لم ينس أنه كان عسكرياً أولاً ثم سياسياً"، والبشير متزوج من امرأتين، لكنه لم ينجب.
عمر البشير العسكرى الذى يتحدى المحكمة الجنائية الدولية
الخميس، 08 أبريل 2010 09:39 م