ذكرت هيئة الإذاعة البريطانية BBC أن الفترة الحالية شهدت ازدهاراً فى تهريب السيارات من مصر إلى قطاع غزة عبر الأنفاق السرية الموجودة تحت الأرض على عمق مترين وعرض لا يتعدى 3 أمتار.
ورصد جون دونيسون مراسل الـBBC الجرافات التى تحفر الأرض لتسحب السيارات من الأنفاق وسط جو شبه مظلم، ثم يبدأ العمال بإطلاق صيحات التشجيع لدى بدء انهيار السقف، وفجأة تظهر السيارة بمصابيحها الأمامية المضاءة وهى تتقدم.
وحصل المراسل على فيلم صغير صور بواسطة الهاتف المحمول يظهر عملية تهريب السيارات من مصر إلى قطاع غزة عبر الأنفاق، ويأتى هذا الفيلم ليؤكد ما كان يعتبر بمثابة شائعة انتشرت كالنار فى الهشيم فى القطاع منذ العام الماضى بحسب مراسل الهيئة.
وأشار جون إلى أن الخبرة والمعرفة فى مجال التهريب عبر الأنفاق أصبح بمثابة تجربة طويلة، خاصة منذ بدء الحصار الإسرائيلى، بحيث أصبحت الخبرة فى مجال التهريب عبر الأنفاق تسمح بنقل سيارات جديدة إلى غزة.
وذكرت الإذاعة البريطانية، أن مصر التحقت بسياسة حصار غزة التى تتبعها إسرائيل، حيث إن مصر لا تفتح معبر رفح الذى يفصل بينها وبين الأراضى الفلسطينية إلا نادراً، مضيفة أن إسرائيل تحاصر قطاع غزة منذ 3 أعوام بحجة "وقف تهريب السلاح إلى غزة والضغط على حركة حماس التى تدير القطاع".
ويقول أحمد بهلول صاحب مخزن للسيارات فى القطاع لمراسل الـ"بى بى سى"، وهو يقف بجانب سيارته الهيونداى الجديدة ويتابع: "ماذا أفعل أريد سيارة جديدة، ولكن بسبب الحصار الإسرائيلى، لم يكن هذا ممكناً والسبيل الوحيد للحصول على السيارة هو عبر الأنفاق".
وأكد البهلول، أن "ثمن السيارة كان مرتفعاً، لكنها ضرورية على الرغم من أن كلفتها ارتفعت إلى 38 ألف دولار أمريكى دفعت 10 آلاف منها إلى العمال والمخططين لعملية نقل السيارة عبر الأنفاق".
أضاف، أن عدد السيارات الحديثة التى نقلت إلى غزة خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة لا يتعدى 200، وفى السابق، كان يجرى قطع السيارات لتهريبها عبر أنفاق ضيقة، أما بعد 3 أعوام من الحصار تطورت الأنفاق وأصبح عرضها يسمح بنقل السيارة بالكامل دون الحاجة إلى تفكيكها.
ولكن من يتجول فى قطاع غزة يرى أن عدداً كبيراً من السيارات هنا يتخطى عمرها عقدين أو ثلاثة، ما يجعل أيضا حدادى ودهانى السيارات يعملون بشكل مستمر على تصليح هياكل السيارات القديمة لإعادة طلائها مجدداً.
وأشار إلى أن صعوبة إدخال السيارات أدى إلى ازدهار سوق الدراجات النارية بسبب سهولة تهريبها عبر الأنفاق.
مراوان الكيشاوى وكيل شركة مرسيدس فى غزة لديه سيارة واحدة معروضة، يقول إنه حصل عليها منذ 7 أعوام، وأنه لا يستطيع أن يبيعها على الرغم من العروض التى يحصل عليها، لأنه لن يبقى له شىء يعرضه فى واجهة شركته فى حال باعها.
ليست هذه حالة الكيشاوى وحده، بل حالة جميع وكلاء السيارات غزة.
ويقول الكيشاوى، إنه كان يستورد نحو مائة سيارة فى العام من إسرائيل، بالإضافة إلى قطع تبديل للسيارات بقيمة تتعدى الـ300 ألف دولار سنوياً.
ويضيف الوكيل، أنه لا يستطيع أن يأتى بسياراته إلى غزة عبر الأنفاق، لأن سيارات المرسيدس ذات قيمة عالية ولأن شركة مرسيدس لن تسمح له بإدخال سياراتها بهذا الشكل.
كما يشير إلى أنه قد اشترى شحنة كبيرة من السيارات قبل الحصار، وهو يدفع آلاف الدولارات من أجل إبقائها على الجانب المصرى من الحدود دون التخلى عنها، لأن كل من إسرائيل ومصر لن تسمح بإدخالها إلى قطاع غزة.
ويختم مروان بالقول بمرارة أنه "لم يبع سيارة جديدة منذ 3 أعوام" واليوم يتضاءل الأمل بإمكانية تغيير الوضع قريباً.
