لأول مرة يطالب أحد بزيادة المرتبات بعد أن طحن الغلاء غالبية الأسر المصرية، وارتفاع الأسعار لا يتوقف عند حد ويهرول الناس وراءه، حتى تتقطع أنفاسهم فيتوقف قليلاً فيتوقفوا ويقللوا وسرعان ما يقف، ويواصل الارتفاع ويهرول الناس وراءه حتى يجف ريقهم فيتوقف قليلاً فيتوقفوا ويقللوا وسرعان ما ينتفض واقفاً ويواصل الارتفاع وهكذا، وليكن سعر اللحمة مثالاً، فغالبية الأسر المصرية أخذت تقلل وتقلل وتقلل وغالباً بعد فترة ستعود وتحلم بأيام اللحمة فى الزمن الجميل، وتتذكر الهتافات التراثية القديمة: "سيد بيه يا سيد بيه كيلو اللحمة بقى بجنيه".
وفى كل دول العالم وخاصة بعد الأزمة الاقتصادية العالمية انخفضت بعض السلع ما عدا فى مصر فإن قاموس تجارها ليس فيه تخفيض أو تنزيل أو عروض خاصة، وخاصة فى السلع الاستهلاكية ففى البلاد التى أنعم الله عليها لا يكاد يمر شهر حتى يعرضوا على المستهلكين كيسين من السكر بثمن كيس واحد، وأحياناً ينخفض ثمن الكيس الواحد إلى ثلثى ثمنه، وكذلك الزيت وكذلك الأرز وفى رمضان حدث ولا حرج، ولكننا فى مصر على العكس والنقيض الغريب، حيث ترتفع الأسعار ولا نعرف من يرفعها ولماذا يرفعها؟ ولو كانت الضرائب تغلظ على تلك الشركات والمؤسسات كلما فكروا فى رفع سلعة من السلع لما جازفوا بالرفع العشوائى الظالم، ولكن ضريبة المبيعات يتحملها المواطن بجانب الزيادات المفتعلة فى سعر السلعة، ويبدو أن عملية رفع السعر تتم فى مصر بطريقة جديدة وهى طريقة (مولد وصاحبه غايب)، واللى يطلع ما ينزلش واللى يغلى ما يرخصش، ولو الشركات المنتجة فى بلاد المنشأ صدرته لتجارنا ببلاش وأخيرا، وبعد أن أصبح المواطن المصرى قاب قوسين أو أدنى من الفَطَسان أصدر القضاء الإدارى حكمه الشهير بإلزام الحكومة والقطاع العام برفع الحد الأدنى للأجور، وغضب الدكتور فتحى سرور على منصة مجلس الشعب لما عرف أن هناك أجوراً لخريجى الجامعات أقل من مائة جنيه ووزارة التنمية الإدارية ألصقت تهمة تدنى الرواتب الذى فجر الأزمة للمحافظين فهم الذين عينوا خمسة خريجين على وظيفة واحدة فى العقود المؤقتة، وتظاهر الناس وأمهلوا الحكومة لعيد العمال حتى تنفذ ذلك الحكم ولكننى لا أوافق على ما تظاهر الناس من أجله، فالمشكلة ليست فى رفع الحد الأدنى للأجور، ولكن يجب أن تكون طلباتهم فى التالى :
1- رفع الحد الأدنى للأجور للمؤهلات المتوسطة إلى 1200 جنيه، وتتدرج تلك الزيادات وفق المؤهلات والخبرة وتلغى سياسة أجور وزارات الإنتاج ووزارات الخدمات، ويكون المؤهل هو الأساس فى تحديد مرتب الموظف وتذوب الفوارق بين قطاع البترول وقطاع الاتصالات والبنوك المصرى والأجنبية والشركات المصرية والاستثمارية.
2- يوضع حد أعلى للمرتبات وفق جدول وظيفى لجميع الوظائف وفق كوادر معتمدة من وزارة المالية ووزارة المالية فقط، كما فى أكثر الدول الغنية المجاورة مع إلغاء وظيفة مستشار، وإن أصر أصحابنا الذين أفسدوا على الناس معيشتهم بمنح هؤلاء المستشارين لمرتبات تصل لنصف مليون جنيه شهرياً ومليون جنيه، ووظيفة مستشار وظيفة طفيلية ويقصد بها نهب هذه البلاد، وإفقار أهلها وتعطيل طاقات شبابها، وواضح أنهم فشلوا فى المشورات التى أسندت إليهم، ولذلك البلد فى النازل والشديد الانحدار، ولذلك يجب عمل التدابير اللازمة لوضع وظيفة مستشار فى الجدول الوظيفى المعتاد الذى يحكمه سقف مالى، وأيضاً استرداد ما نهبوه من أموال هذه البلد بالطريقة التى تراها الوزارات والمصالح التى عشعشوا فيها.
3- الصناديق الخاصة التى حصيلتها بلغت تريليون جنيه يجب من بكرة أن تدخل خزينة الدولة وتعود أموالها للمواطنين لترفع أجورهم أو توزع عليهم بطريقة التقسيم العادل للثروة (نصيب المواطن من الصناديق الخاصة)، ويحاسب كل المسئولين عن الصناديق عما نهب منها فى الأعوام السابقة، ويحاكموا بتهمة تبديد أموال الشعب، فالشعب هو الذى مول هذه الصناديق لتعود عليه وليست لتكون للحفلات والمناسبات ومرتبات المستشارين ومكافآت لأعمال لم يفعلوها.
4- لابد من تطبيق قانون عدم الجمع بين وظيفتين وإن كان (لا يوجد فى البلد إلا هذا الولد) وحتمت الظروف أن يتقلد وظيفة أخرى فلا يجوز له أن يتقاضى إلا مرتب إحداهما، والثانية شرفية ويجب على كل شريف فى هذا البلد أن يدرك أن الوظيفة الثانية له هو حرمان لمواطن من فرصة عمل والحكم عليه بالبطالة والفقر والعوز.
5- المطالبة بالتنفيذ الفورى ولا انتظار لرد الحكومة فالبطون الجائعة لا يمكنها أن تنتظر والأمراض التى تنخر فى الأجساد لا يمكنها أن تنتظر ولماذا الانتظار والأموال فى الصناديق الخاصة بالتريليون.
