د.نيفين شكرى تكتب: نهر النيل.. بطل قومى

الأربعاء، 07 أبريل 2010 10:31 م
د.نيفين شكرى تكتب: نهر النيل.. بطل قومى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مصر هبة النيل، لماذا؟ لأن النيل كان السر فى استمرار المصريين فى الحياة، ووجود النيل ساهم فى ذلك بفضل وجود مياه عذبة صالحة للشرب و الزراعة، واضطر العباقرة المصريون إلى ابتكار واختراع أدوات بدائية لرى أراضيهم بعيداً عن النيل، وبدأوا البناء على ضفاف النيل ليكونوا بجواره، ونحن أكملنا هذا البناء منذ عهد الفراعنة، بالإضافة إلى بعض الأماكن البعيدة عنه فى سيناء و السواحل و غيرها.

ومن عشقهم له كانوا يتغنون فيه، ويحتفلون به، ويلعنون من يقوم بتلويث النهر، وهذا يعتبر سبقا للفراعنة فى عنايتهم بالبيئة، ومعرفتهم بمدى أهمية نهر النيل، ومولد نهر النيل ليس فى مصر بل فى منابع الحبشة، ثم يأخذ جولته من المنبع خلال دولا كثيرة، إلى أن يصل مصر ويلتقى بالسد العالى وخزان أسوان، ثم يكمل مسيرته ليصب فى البحر المتوسط، وكلنا يعرف منطقة اللسان الجميلة، فى رأس البر، التى يلتقى فيها مياه النهر العذبة مع مياه البحر المالحة فى مكان واحد، ونقطة واحدة.

عاش نهر النيل آلاف السنوات، ولا يزال هو المصدر الأول لمصر، فى الشرب و الكهرباء والرى والزراعة وغيرها، ولكن هل نحن نعطى للنهر العظيم الاهتمام الكافى؟! لماذا لا يكون إنقاذ نهر النيل هو المشروع القومى لنا؟! حينما أقام عبد الناصر مشروع السد العالى، هاجمه كثيرون ولا يزالون، رغم إنه مشروع عبقرى, لا يقل عن عظمة مشروع قناة السويس العظيم, الذى ربط البحر الأحمر والمتوسط, وكل من يزور القناة ويرى المعجزة الجميلة، لا يصدق أن الماء الذى تبحر فيه السفن والبواخر العملاقة، كان أرضا عادية شقها المصريون، ومات مئات الآلاف منهم غرقا ومن الشمس المحرقة، ثم كانت شاهداً على نصر أكتوبر، والعبور العظيم الذى هو أيضًا شاهدًا، على عبقرية مصرية خططت وابتكرت حلولا لكل معضلة واجهتهم.

نعود لنهر النيل، والتهديدات الإسرائيلية والإيرانية والقطرية، لأجل عقد صفقات مشبوهة مع دول حوض النيل، خاصة دول المنبع، لأجل شراء مياه النيل أو حجبها عن مصر، وهنا تكمن الخطورة، فبعد تهديدات ليبرمان بضرب السد العالى، وامتلاك إيران للنووى، وقطر للمال الوفير، لأجل تدمير كل ما هو مصرى، وعرضهم صفقات مع تلك الدول، صار لزاما أن ننتبه ونفكر فى كافة الحلول والصفقات نحن أيضاً، لحماية نهر النيل، خاصة أن عدد سكان مصر يزيد، والرقعة الزراعية أيضا، والحاجة للماء والكهرباء تزداد، بينما ترتفع حرارة الأرض مما يهدد بتبخر ماء النيل، و لهذا فكما تشير كافة التوقعات أن الحروب القادمة، ستكون صراعا على المياه، فماذا ننتظر؟!

المياه العذبة الجميلة، يجب أن تكون فقط للشرب لغالبية الشعب الذى يعتمد عليها فى الشرب، لكن إهدارها يجب أن يكون جريمة مغلظة العقوبة، فانفجار أى ماسورة يعتبر حالة طارئة يجب التصدى لها، والمزروعات التى تحتاج الكثير من المياه يجب الاستغناء عنها، أو كما فعلت مصر نزرعها فى أراضى لنا فى بلدان أخرى، لديها وفرة من المياه، حمامات السباحة و ملاعب الجولف وغيرها، يجب ألا تروى من مياه النيل، لذلك يجب علينا وضع خطة عاجلة و مشروع قومى عاجل، لإنقاذ ماء النيل و منع التعدى على مساحاته، أو رمى أى قاذورات فيه، و محاولة عمل خزانات جديدة أو وصلات لنهر النيل، لأجل مياه السيول خاصة مع توقع فترات سيول، ربما يعقبها بكل آسف سنوات جفاف من الأمطار، ومثلما أن الصديق يوسف انقذ مصر، من السنوات العجاف، بالادخار فى سنوات الرغد، نحتاج لخطة واحتياطى و بدائل لأن تغييرات المناخ والتصحر قادمة.

الدول الخليجية ليس لديها إلا خليجا فقط، ولهذا السبب أقاموا محطات تحلية المياه، فلماذا لا نبدأ فى مصر نفس الشىء منذ اليوم، وإلا ننتظر حتى يحدث الجفاف، فلدينا بحران كبيران وقناة السويس، ولدينا المياه الجوفية والآبار, و بالطبع يمكن إعادة هيكلة مصادر الطاقة لتوفير الكهرباء دون استعمال المياه لتوليدها، إذن نحتاج إلى الطاقة وتنوع مصادرها وبسرعه, وإلى الحفاظ على البطل القومى المسمى نهر النيل، و إيجاد مصادر أخرى للمياه، و منع إهدار المياه، وإيجاد مبتكرات لإسقاط الأمطار بطريقة صناعية، ويجب منع تلويث مياه النيل بواسطة البواخر، أو الصرف الصحى فى بعض العشوائيات الذى يصب بكل بلاهة فى النيل.

إننا شعب عبقرى، بنى الأهرامات و انتصر فى حرب أكتوبر بقوة الذكاء، وليس فقط السلاح والعتاد، وانتصر فى معركة السلام بالذكاء أيضًا, ونثق أن المصرى الذى يستطيع أن يركب سيارة عمرها مائة عام، وأن يعيش بمرتب قليل للغاية، وأن يتحايل على الدنيا ومشاكلها بالنكتة، نثق إننا نستطيع أن نواجه هذا التحدى بعبقرية وذكاء وعزيمة كبيرة، ولا ننسى أن نحمى نهرنا الجميل من الطامعين فيه، أى أن حماية سيناء و تعمير سيناء، خاصة
وسط سيناء، أمن للنيل و أمن لمصر كلها أيضا بشرط توفير بديل لمياه النيل و اعتباره ثروة قومية.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة