نظّم مركز الخطوط بمكتبة الإسكندرية محاضرة بعنوان "الخط العربى: جسر بين الثقافات"، ألقاها الباحث الإسبانى خوسيه إجناسيو، وهو باحث مهتم بالخط العربى ودوره كجسر للتواصل بين الشرق والغرب.
وقال إجناسيو إنه بدأ اكتشاف كنوز الفن العربى والتعرف على الخط العربى بعد اتجاهه لمجال الفن عن طرق الرسم والعرض والتدريس من خلال نظرة منفتحة على مختلف المظاهر الثقافية، مؤكدًا أن تلك التجربة الشخصية أدت به إلى التوصل إلى جملة من المفارقات التى تلف طبيعة الخط العربى.
وأضاف أن الأسبان يفاجأون بأن الخط العربى يشكل جزءا كبيرا من تراثهم الفنى ليس فقط فى قرطبة وغرناطة وأشبيلية، ولكن أيضًا فى قشتالة وفلنسية وأراكون حيث تظهر الكتابات العربية فى بنايات معمارية ولوحات فنية موجودة لكنها لا تُرى، وهو الأمر الذى يطلق عليه الحضور الغياب أو مصطلح "خجل الخط".
وقال إجناسيو إنه مع ظهور الدين الإسلامى بدأ الوحى بطريقة شفهية، فكان القرآن يحفظ فى الصدور ويتم نشره فى الغالب عن طريق الرواية، ولم يكن التدوين إلا ظاهرة عرضية، ومع اتساع رقعة الإسلام ودخول أفواج جديدة فى الدين الجديد، تم تكوين دولة كبيرة وكان من الضرورى وضع قواعد للغة العربية لكى تكون فى مستوى الواقع الجديد.
وأكد إجناسيو أن الخط العربى أصبح حينها جسر بين العالم المرئى واللامرئى، فقد تكونت علاقة بين العمل البشرى والكلمة الإلهية من خلال الخط، ومن جهة أخرى، فإن روحية الكلمة تتحول إلى مادة مرئية سواء على الحجر أو الورق، وبذلك يربط ما هو عقلى بما هو مادى. وألمح إلى أن الأسس الجمالية للخط العربى قد ساهمت فى الربط بين الثقافات حيث تربط بين القوانين الفيثاغورية حول النسبة العددية والهندسة فى تكوين الحروف مع الأفكار الإسلامية حول الخلق والاتحاد.
وتحدث الباحث عن مفارقة أخرى وهى أن الخط العربى ليس عربيًا، لكنه يعتبر خطا إسلاميا فى الأساس، فاللغة العربية تستعمل من قبل شعوب كثيرة، حيث تبنت عدة لغات الحرف العربى، منها المجموعات العربية والمجموعات غير العربية التى تستعمل الخط العربى ومنها إيران وأفغانستان وتركيا، وأضاف أن كون القرآن أُنزل باللغة العربية جعل للغة وزن خاص إذ تعبر عن القدرة الإلهية بالنسبة للإسلام، وهكذا اعتبرت اللغة العربية كتابة مقدسة.
وأكد أن الخط العربى هو إبداع الإسلام العربى الذى تعلمه ونقله فيما بعد حتى المسيحيين، وطوره الفرس والأتراك والمغاربة والأفارقة والهنود والصينيون، فكما استقبل البحر الأبيض المتوسط ماء مدن عدة فإن الخط العربى قد تلقى إضافات كل الشعوب.
وأضاف إجناسيو أن الخط العربى باعتباره إنتاجا ثقافيا غنيا ومعقدا مرا بعدة مراحل فى مسيرة تطوره، فى عهد عبد الملك بن مروان، وعرف تطورًا مهمًا وإضافات كبيرة على مستوى الأدوات واللون والتقنيات الفنية.
وأكد الباحث أن الخط العربى قد ساهم بتطوره وتنوعه فى إغناء الكتابة وفى استقطابها وأخذها لكل الإضافات التى أضافها الخطاطين والمفكرين والفنانين الذين عملوا على إدماج الخط فى محيطه الخاص، وقد شكل الخط بالنسبة للجميع أداة للتواصل الاجتماعى وشكل كذلك علامة وهوية.
يذكر أن إجناسيو باحث إسبانى فى مجال الخط العربى، بدأ رحلته مع اللغة العربية بعد حصوله على الماجستير من جامعة لاكومبلوتنسى فى مدريد وهو يستعد لعمل رسالة الدكتوراه حول موضوع: "قيمة الخط العربى فى التنمية الفنية الثقافية".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة