سعيد الشحات

الخصخصة تغتال النصر للسيارات (1)

الأربعاء، 07 أبريل 2010 12:19 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
سيذكر التاريخ أن مصر تعرضت لموجة نهب منظم بفضل سياسة الخصخصة، ولم يقف هذا النهب عند سرقة الأموال والبيع بأرخص الأثمان وفقط، وإنما امتد إلى أكثر من مجال مثل تشريد العمال بأسلوب حقير هو "المعاش المبكر"، الذى أقعد ملايين العمال على رصيف البطالة وغالبيتهم لم يكن قد وصل الخمسين بعد، كما امتدت عملية النهب إلى تصفية صناعات بأكملها كانت مصر قد قطعت فيها جهودا جبارة بعرق العمال وذكاء المهندسين وإخلاصهم، وتعد هذه النقطة تحديدا إحدى الإجابات على سؤال البعض عن، لماذا تخلفنا عن دول مثل كوريا الجنوبية والهند كنا قد بدأنا معها، وصعدت هى بقفزات هائلة، بينما تعرضنا نحن لهبوط مهين، استكملت هذه الدول ما بدأته، أما فى مصر فقد توحدت جهود أفّاقون وسماسرة ومفسدون، تساندهم صيحات اقتصاديين، ليطلقوا جميعا نداء بيع القطاع العام دون أدنى مسئولية، ودون وضع خطط للتنمية المستقبلية.

كان البيع يتم وكأنه هدف فى حد ذاته، وبلغت التهاون مع أصولنا الاقتصادية فى المصانع والشركات درجة أن رجال الحكومة كانوا ينصبون السيرك ويهللون فرحا كلما تم بيع منشأة اقتصادية، وكأن هذه المنشأة جرثومة وجب التخلص منها بأى ثمن، وها نحن الآن نرى الفضائح فيما تم فى عموم نهج الخصخصة، وفى خصوص عملية البيع.

تتعدد الدلائل على ما أذكره، ففى اليومين الماضيين قرأت فى الزميلة صحيفة الشروق، مقالا وحوارا موجعين حول الخصخصة وما حدث ويحدث فيها، الحوار مع المهندس محمد عبد الوهاب وزير الصناعة الأسبق، والمقال بعنوان: "اغتيال شركة قطاع عام"، كتبه عادل جزارين الرئيس السابق لشركة النصر للسيارات، يحكى فيه مجد بناء هذه الشركة فى الماضى، ونكسة تصفيتها فى الحاضر.

بدأ بناء الشركة فى الخطة الخمسية الأولى عام 1956، وهى الخطة التى أسست مصر صناعيا فى عصرها الحديث، ويحكى جزارين كيف بدأ تكوين شركة النصر بخطة أولى تتمثل فى صناعة اللورى والأتوبيسات لتلبية احتياجات القوات المسلحة والسوق المدنية، وتلا ذلك صناعة المقطورات للنقل ثم الجرارات الزراعية وأخيرا سيارة الركوب.

يضيف جزارين، أنه لتنفيذ هذه المشروعات الضخمة تم تأسيس شركة النصر لصناعة السيارات عام 1960 برأسمال قدره 30 مليون جنيه، وبدأت العمل فى منطقة وادى حوف التى كانت وقتئذ صحراء جرداء، وتخصص 90 فداناً لإقامة مصانع الشركة وهى، مصنع المحركات ومصنع المكبوسات، ومصنع التروس ومصنع الأجزاء الميكانيكية، وورشة الصيانة وصناعة العدد، والمخازن.

يحكى الرجل كيف تمكنت الشركة من إنجاز نجاحات هائلة حتى تحولت صرحا صناعيا ضخما يعمل به 12000 عامل، أقيمت لهم مدينة سكنية كاملة بمرافقها من مدارس ومستوصف على أرض خصصتها محافظة القاهرة بجوار المصانع، وكانت وادى حوف تتبع وقتئذ محافظة القاهرة، وهى الآن تتبع محافظة حلوان..

وكذلك مركزان للتدريب ومعهد فنى عال لهندسة السيارات، وأصبحت الشركة مفخرة للصناعة المصرية، ومزارا لرؤساء الدول ومنهم الرئيس السنغافورى كوان لى، والرئيس السودانى الراحل جعفر النميرى، والجزائرى الرحل هوارى بومدين، وزارها الرئيس جمال عبد الناصر، ثم زارها مرتين الرئيس حسنى مبارك.

وبعد كل هذا الإنجاز العظيم دخلت الشركة إلى دروب مظلمة.. فكيف حدث ذلك؟
يستكمل غدا..








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة