ولأنهم يسكنون الفيللات والقصور ويبنون الأبراج العالية ولهم منتجعاتهم الخاصة على سواحل البحر الأحمر والمتوسط يقضون فيها أوقاتهم فى فصل الصيف، وإذا ما شعروا بالملل منها طاروا بطائراتهم الخاصة إلى جزر الكنارى والأسكا وهواى والريفييرا والشانزليزيه .
ولأنهم يقيمون أفراحهم فى أضخم الفنادق ويصرفون ويسرفون عليها بالملايين! ، ولأنهم أفسدوا علينا الفن واشتروا كثيرا من الفنانين والفنانات. ولأنهم يقودون أفخم السيارات وأرفهها ولأنهم يسرفون وينهبون أموالنا التى فى البنوك ولا يسددونها ثم ترجوهم البنوك لإعادة الأموال بالتقسيط ثم الإغداق عليهم بصكوك الوطنية.
ولانهم لوبى قوى لا يستطيع أحد محاسبتهم. ولأنهم من الصفوة أقصد صفوة المال لا العلم والأخلاق. كما أن أبناءهم يتسرب إليهم الامتحانات وتبدل أوراقهم بأوراق المجتهدين ويحصلون على أعلى التقديرات فى الجامعة ثم يلتحقون بأعلى الوظائف والمناصب فى الدولة. ولأن صورهم وأخبارهم تملأ إعلانات الصحف والمجلات والقنوات الفضائية. لكل هذا لن أتحدث عنهم لأنهم مشهورون ومعروفون وصاروا واجهة مصر أمام الخارج.
لكننى سأتحدث عن الصنف الثانى من مصر عن الناس اللى تحت، الذين أصابهم الفقر والجوع والمرض، منهم الفلاحون الذين استدانوا من البنوك وتعثروا فى السداد فحكم عليهم بالسجن واشترت الحكومة محاصيلهم بأزهد الأثمان، سأتحدث عن الفقراء الذين تضج بهم المستشفيات الحكومية وتركهم يئنون من الأوجاع وإهمال علاجهم ورعايتهم.
دعونى أتحدث عن الذين يقطنون المقابر والعشوائيات والذين طردوا من مسكنهم لعدم قدرتهم على دفع الإيجار، دعونى أتحدث عن الذين لا يوجد على لسانهم إلا عبارة حسبى الله ونعم الوكيل ليل نهار. لنتحدث عن الذين يبدأون يومهم واقفين فى طوابير الخبز والسولار والبوتاجاز ثم يكملون رحلة العذاب!، دعونى أركز على الذين غرقوا فى العبارة واستكترنا عليهم الحداد، دعونى أتحدث عن البسطاء الذين يسافرون فى قطارات الدرجة الثالثة والسبنسات. دعونى أتحدث عن أسباب غرق الشباب فى البحار طالبين الهجرة إلى بلاد الأفراح. دعونى أتحدث عن الذين يلعبون بالطين والبوص والقرطاس. دعونى أتحدث عن مرضى الأورام والفشل الكلوى والفيروسات. دعونى أتكلم عن الذين ينفقون فى اليوم دولار.
ويبيعون أعضاءهم من أجل توفير الأموال. دعونى أتحدث عن الذين فقدوا عوائلهم ولا يجدون قوت يومهم. دعونى أتحدث عن مصر الحقيقية. فى الأيام القادمة ستأتى ثلاث انتخابات تبدأ بانتخابات الشورى ثم مجلس الشعب ثم انتخابات الرئاسة أرجو أن يعمل كل مرشح وكل حزب من أجل هؤلاء المصريين الحقيقيين مصر الناس اللى تحت لا مصر المزيفة مصر الناس اللى فوق.