كبش الفداء القادم للتغيير فى مصر

الجمعة، 30 أبريل 2010 04:05 ص
كبش الفداء القادم للتغيير فى مصر أحمد نظيف
محمد الدسوقى رشدى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
◄◄توقعات بتعيين نائب وسيناريوهات التعديلات الوزارية تخفى مفاجآت التغييرات الحقيقية المتوقعة
◄◄يوسف والى وإبراهيم سليمان وكمال الشاذلى كانوا ضحايا مرحلة الضغوط فى 2005 فمن يكون كبش فداء المرحلة القادمة?
◄◄لماذا غاب الدكتور أحمد نظيف عن أول لقاء جماهيرى للرئيس مبارك بعد عودته من رحلة العلاج الطويلة؟


من مميزات الحياة فى مصر.. التكرار، صحيح أن الشطار لا يتعلمون منه كما تقول الحكمة الشعبية العظيمة، ولكنه يمنح هواة الاطلاع على الأحداث والأمور فرصة حقيقية لتوقع ما قد يحدث بنسبة تبدو إلى حد ما صحيحة ومتطابقة مع الواقع..

ولذلك فإن سيناريوهات التغيير والتعديل وتلك الخاصة بتعيين نائب للرئيس ليست مجرد أمور قائمة على تخمينات بقدر ما هى خاضعة لمؤشرات لايمكن تكذيبها أو التغاضى عنها، خصوصا أن ما سيحدث فى شهور الانتخابات التى ستطول حتى موعد انتخابات الرئاسة سيحمل من المفاجآت ما لا يتوقعه أحد، نظرا لثقل الأسماء الطائرة وطبيعة الأسماء القادمة إلى حيث دنيا المناصب والحقائب الوزراية.

فى مصر دولة رسمية تعزف على وترين فقط.. الأول الروتين وتبدو الدولة هنا مثل المدرب الحافظ واللى مش فاهم، والذى يقوم فى كل مباراة بأداء نفس التغييرات بغض النظر عن وضع فريقه وطبيعة المباراة واختلاف الظروف فى كل مرة..

أما الثانى فهو المفاجأة ففى الوقت الذى يراهن فيه الجميع على أن الأمور فى مصر تسير وفق جدول محدد ومعلوم التفاصيل يصدمهم الرئيس بقرار مفاجئ وغير متوقع وغير تقليدى مثلما حدث فى 2005 حينما أطلق دعوة تعديل الدستور من داخل مدرسة المساعى المشكورة بالمنوفية.

الدولة الرسمية فى مصر تبدو مثل هذا المدرب فى كثير من الأحيان.. تكرر نفس الفعل تجاه نفس القضية بغض النظر عن اختلاف الظروف أو المكان أو الزمان، الوعود التى تطلقها الدولة قبل انتخابات 2010و2011 هى نفس الوعود التى أطلقتها قبل انتخابات 2000 وانتخابات 2005، والطريقة التى تتخلص بها الدولة من ضغوط المعارضة والضغوط الخارجية وحالة الاحتقان الشعبى هى نفس الطريقة التى يتم اتباعها منذ زمن مجموعة من الانتقالات وتبادل المواقع والتلاعب فى المسميات واستدعاء بعض رجال الدولة من على دكة الاحتياطى ليلعبوا بدلا من بعض الأساسيين الذين طال وجودهم ووضح غضب الناس عليهم ومنهم لتظهر فى النهاية صورة إيهامية تقول بأن هناك تغييراً قد حدث وأن الكل مطالب بأن يصبر لفترة أخرى حتى يأتى هذا التغيير بثماره..

هذه التباديل والتوافيق أو ما تطلق عليه الحكومة تغييرا هو نوع من أنواع المسكنات تستخدمه الدولة حينما تعلو موجة الانتقاد والغضب الشعبى، أو حينما يأتى موسم الانتخابات البرلمانية والرئاسية الذى تحول فى السنوات الأخيرة إلى موسم للغضب الشعبى وكأن أهل مصر ونخبتها يتذكرون أوجاعهم حينما ينادى المنادى بأن موسم الانتخابات أصبح على الأبواب..

واستخدام لفظة «التغيير» هنا يأتى على سبيل الشياكة، أما اللفظة الحقيقية لما تفعله الدولة قبيل كل موسم انتخابى تتعرض قبله لضغوط داخلية وخارجية فهو «كبش الفداء»، تزداد موجة الغضب الشعبى من هنا، فتشعر الحكومة بالخطر وتتنامى الرغبة داخل المسؤولين فى أن يمروا بالموسم الانتخابى دون أى قلق فتختار ثلاثة أو أربعة من كبار مسؤوليها وتقدمهم للجمهور المتعطش لأى خضوع من جانب الدولة كأكباش فداء ليشعر هؤلاء الغاضبون أن لغضبهم نتيجة.. وأن النتيجة انتصار أخضع الدولة لرغباتهم، حدث ذلك قبل انتخابات 2005 حينما ضحت الدولة فى تلك الفترة بثلاثة من أخلص وأكبر رجالها ذهبوا على التوالى كضحايا لنظرية كبش الفداء التى تطبقها الدولة لإرضاء الغاضبين فى الداخل والمراقبين فى الخارج، فلم يكن من السهل على أحد فى مصر كلها أن يأتى اليوم الذى تنشر فيه الصحف أخبار تلو الأخرى عن رحيل يوسف والى وزير الزراعة أو الاستغناء عن إبراهيم سليمان وزير الإسكان، أو التضحية بالرجل الأقوى كمال الشاذلى وزير مجلسى الشعب والشورى وأمين التنظيم فى الحزب الوطنى الديمقراطى، وهم أناس كانوا أقرب للنظام من حبل الوريد وعشرتهم مع كراسى الحكم طالت لأمد خيل لهم وللناس أن وجودهم أبدى!

فى تلك الفترة كان سيناريو التغيير أو الإيهام بالتغيير مطروحا كالعادة كما يحدث قبل كل انتخابات أو قبل كل أزمة، ولكن لم يتخيل أحد أن يأتى سيناريو التغيير بتلك القوة التى جاءت كرد فعل مناسب لحالة الغليان والفوران الشعبى التى شهدتها سنة 2005 والسنوات الثلات التى سبقتها.

الآن ونحن نعيش أجواء انتخابية تبدو من بعيد أكثر سخونة خاصة على المستوى الرئاسى بسبب ظهور الدكتور محمد البرادعى كمرشح منافس قوى وليس مجرد مرشح ديكورى كما كان الحال مع رؤساء الأحزاب فى انتخابات 2005 تبدو الفرصة سانحة لمزيد من الضغط الشعبى الذى قد يجبر الحكومة على تكرار سيناريو التغيير القوى، وهو الأمر الذى يبدو متماشيا مع انتشار أنباء قوية عن قرب حدوث تعديل وزارى وصفه البعض بالواسع وقال عنه الآخرون إنه محدود، ولكن تبقى الأنباء الواردة عن التعديل الوزارى مصرة على وجود اسم أحمد شفيق وزير الطيران المدنى كمرشح لرئاسة الوزراء، وتولى المستشار عادل عبد الحميد رئيس محكمة النقض شؤون وزارة العدل خلفاً للمستشار ممدوح مرعى، مع رحيل عدد من الوزراء مثل حمدى زقزوق وحاتم الجبلى وزهير جرانة.

طبعاً لا داعى لأن أذكركم بأن الصحف ووسائل الإعلام ستتنافس فيما بينها على تبشيركم بالتغيير الموعود، وستطرح كل صحيفة وسيعلن كل برنامج عن قائمة الأسماء المرشحة للخروج وقائمة الأسماء المحظوظة بالوزراة وستتكرر الأسماء فى مختلف القوائم، وستسعى كل وسيلة إعلامية للتأكيد على انفرادها ومصداقية طرحها عن طريق انتقاء ألفاظ من نوعية قالت مصادر عليمة، أو أكدت مصادر مطلعة، أو قال مسؤول كبير فى الدولة رفض ذكر اسمه، أو حصلت الجريدة الفلانية على وثيقة سرية تتضمن أسماء وزيرين مرشحين للخروج من الوزارة فى التعديل القادم، سيظل الأمر هكذا طوال الشهور القادمة، تخمينات وترشيحات قد تعرف طريقها للحقيقة أو تنتهى إلى كونها مجرد أخبار فشنك.

ولكن هل ينفى ذلك أن الدولة قد لا تلجأ إلى نظرية كبش الفداء التى اعتادت اللجوء إليها فى الأوقات الحرجة؟ وهل يوجد أوقات أكثر حرجاً من وقتنا هذا الذى تواجه فيه الدولة حالة من الفشل الحكومى لوزارة الدكتور نظيف، وحالة من الغضب الشعبى على أغلب الوزراء وأغلب المسؤولين الكبار فى الحزب والدولة؟ وهل يمكن أن تتجاوز الدولة حالة الفوران السياسى التى يقودها الدكتور البرادعى تحت مظلة إعجاب غربى وفى رعاية رغبة جامحة فى التغيير دون أن تقدم قرابين لجموع الشعب كما حدث قبل انتخابات 2005؟

فى بلد مثل مصر تتم معالجة أموره داخل غرفة عمليات واحدة، وبأيدى جراح واحد، لا تستبعد أبداً أن يتم استخدام نفس المشرط لإجراء نفس العملية، وكما قلنا فى السطور الأولى لهذا التحليل أن العزف السياسى فى مصر يتم على وترين، الأول روتينى وتكرارى والثانى بتاع مفاجآت، ولأن التجربة عودتنا على أن العزف على الوتر الثانى قليلاً ما يحدث، فإن كل المؤشرات تقول بإمكانية لجوء الدولة إلى نظرية كبش الفداء تلك النظرية الجوهرة التى أكد جوبلز وزير الدعاية السياسية فى عهد الرايخ الثالث بزعامة هتلر أنها على رأس العوامل الأساسية لنجاح العمل الدعائى السياسى، ولذلك فإن أسماء مثل الدكتور أحمد نظيف وأحمد عز قد يتحول أصحابها إلى قرابين كما حدث مع كمال الشاذلى ويوسف والى قبل2005 وفرحة لظهور أسماء مثل الدكتور محمد كمال وحسام بدراوى وغيرهما من قيادات الحزب القريبة من لجنة السياسات، وربما تكون حالة الغضب الشعبى الواضحة تجاه أحمد عز أمين تنظيم الوطنى الذى تتصدر صوره جميع المظاهرات والاعتصامات، ويبرز اسمه فى جميع الشكاوى الذى يتلقاها المسؤولون فى الحزب وفى الدولة، مبرراً كافياً للإطاحة بهذا الرجل الذى يراه الناس فوق القانون ويرون فكرة الإطاحة به مستحيلة، أما الدكتور نظيف فإن بحر الفشل الذى تغرق فيه حكومته يبدو مبرراً كافياً لتحويله كضحية فى محاولة لإرضاء الثائرين قبل المعركة الانتخابية، وربما يكون عدم ظهور الدكتور أحمد نظيف بجوار الرئيس مبارك أثناء احتفالات عيد تحرير سيناء من أيام مؤشراً كافياً على نية الحكومة، لأن عدم وجود رئيس الوزراء مع الرئيس مبارك فى أول لقاء جماهيرى له بعد العودة من رحلة العلاج يبدو أمراً غير منطقى حتى لو كان عذر الدكتور نظيف هو حصوله على أول إجازة عائلية مع زوجته الجديدة، فتلك أمور يمكن إلغاؤها لو لوح الرئيس من بعيد أنه يريد من نظيف مرافقته، وبجانب طرح اسمى نظيف وعز كمرشحين للعب أدوار البطولة فى فيلم كبش الفداء الذى تعشق الحكومة عرضه مع كل أزمة، يمكن أن ننتظر حدوث بعض من تلك التباديل فى المناصب والمسؤوليات سواء فى الوزارة الجديدة أو داخل الحزب الوطنى نفسه مثلما حدث فى مرحلة 2005 بالضبط.







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة