على جناح التيه، فى عتمة الليل، وقف الشيطان مختالاً..
يتأمل آخر كوكبة من الشهود، تنساب فى قتامه، تاركة بحر الجلجثة.
كانت رياح الشر قد سكنت، وأمواج الغدر قد همدت
بعد أن طرح يسوع من سفينة نوح، وابتلعه حوت الموت.
وجد إبليس نفسه شامخاً، فتنفس الصعداء، وبقهقهة هستيرية أذاع انتصاره:
لن يصل المصلوب إلى نينوى البشرية، لقد دفن فى جب النهاية وسر الخلاص معه!
،...،...،...
أحشاء الموت تعوى، لهيب الحمل يذيب خلاياها، تلفظه عن غصة أليمة على شاطئ الهاوية!
،...،...،...
فى فجر القيامة..
دَشّن السيد المسيح الطريق الضيق، ويلتقى بأهل نينوى البشرية.
فى عرسهم، فى عرس قانا القيامة..
نضبت خمرة الموت الأبدى، التى أسكرت البشرية حتى الثمالة
وحتى سقطت إلى التراب الأدنى، وتمرغت فى العار، واستسلمت للهلاك.
أخذ المخلص من نبع جراحه، الذى فجّرته الحربة
أخذ الدم والماء، وصنع خمراً حلوة ومباركة،
وقدمها لهم، قائلاً :
" اشربوا دمى،
الذى سُفك من أجلكم،
خذوا حياتى فى كيانكم واتحدوا بى
لتكون لكم حياة الله"...
،...،...،...
ارتفع كأس الخلاص بين الناس بالخمرة الجديدة، التى لونها ورائحتها من الجلجثة..
فأسكرت بمذاقها الرجال والنساء المؤمنين المسيحيين.
حينئذ عاينوا عذوبة الحياة الجديدة.
،...،...،...
يسقط لوسيفر عربون سقوطه الأخير، ويحترق
تتصاعد ذبيحة المحبة فى مجد
تتحد الأرض بالسماء عبر نسائم الرضا...
