صدر عن الدار المصرية اللبنانية الطبعة العربية لكتاب "العالم متمرداً" بالاشتراك مع مشروع كلمة الإماراتى، من تأليف فريمان دايسون، وترجمة د.محمد على أحمد.
يتناول الكتاب العلاقة بين العلم والدين، ويعيد لها الاعتبار، حيث اهتم بالجانب الإنسانى فى العلم، والمشكلات التى أرقت العلماء، وحياة بعضهم وتأثيرهم فى محيطهم الاجتماعى.
كما يتناول الكتاب العلاقة بين العلم والأدب، مشيراً إلى أن العلماء يبدون غارقين فى عالمهم وتجاربهم ومشكلاتهم التقنية، لا يعرفون ما يجرى على صعيد الأدب، كما أن الأدباء يفعلون الشىء ذاته، وكلاهما يحمل فكرة خاطئة عن الآخر، فالأديب يرى العالم جاف المشاعر منزوع العاطفة، والعالم ينظر إلى الأديب على أنه كائن عاطفى غارق فى مشاعر خائبة رومانسية ومثالية يهرب من واقعه بالإغراق فى الخيال ولا يقدِّم شيئًا مفيدًا للبشرية غير التسلية، هذه مشكلة تبدو بلا حل، لكن الكتاب يثبت العكس فالعلم استفاد من خيال الأدباء، والعلماء ينجزون أكثر إذا قرأوا الأدب، وبالعكس الأدباء يصبح أدبهم أكثر خبرة بالحياة وبالنفس البشرية التى يزعمون أنهم يفهمونها، عندما يعرفون طرفًا من العلم.
أما الإشكالية الثالثة التى يثيرها الكتاب، فهى تناول الصحف للعلم بأسلوب يخلو من الجفاف والتعقيد، وتقديمه بطريقة جذّابة تناسب جميع الأذواق المتخصص والقارئ العالم.
تنقسم مجموعة المقالات التى يضمها الكتاب إلى أربعة أقسام وفقًا لموضوعها، ومرتبة زمنيًا داخل كل قسم، يتناول القسم الأول القضايا السياسية الناجمة عن العلم والتكنولوجيا، ويهتم القسم الثانى بمشاكل الحرب والسلام، والثالث تاريخ العلم، أما القسم الرابع ففيه تأملات شخصية وفلسفية وهناك ثلاثة فصول أخرى مأخوذة عن كتاب سابق للمؤلف بعنوان "الأسلحة والأمل"، ذلك الكتاب الذى تم إهماله، لأنه صدر وقت انهيار الاتحاد السوفيتى ومن هذه المقالات سمى المؤلف كتابه الحالى: العالم متمردًا .
وإذا كان كتاب بهذا الحجم لا يمكن تلخيصه، حيث يقع فى ستمائة صفحة، فإن الإشارة إلى بعض فصوله تظهر مدى أهميته للقارئ العربى، وهو فى أربعة أقسام كبرى وتحتها عناوين فصول مثل: قوة العقل، العالم واللحم والشيطان، هل وجود الله محل اختبار، هذا الجانب من الحب الأعمى، والدين من الخارج.
كما خصص المؤلف ثلاثة فصول للعالم ريتشارد فاينمان الذى اجتمعت فيه صفات التفانى فى العلم والروح المرحة، إنه العالم الذى يصف ببلاغة فائقة دور التمرد فى مجال العلم، ولعل أهم فصول الكتاب المعنون: هل وجود الله محل اختبار أن يوضح إحدى أهم الإشكاليات التى جرى النقاش بشأنها طويلًا بين رجال الدين والعلماء.
جدير بالذكر أن مؤلف هذا الكتاب عمل لفترة مستشارًا علميًا لحكومة الولايات المتحدة، كما أنه عالم فيزياء وعلى دراية عميقة بتاريخ العلم، وبالجدل العلمى الذى يدور حاليا حول العلم والأخلاق والإيمان، وهو أحد المتنبئين الكبار بمستقبل المناخ والهندسة الوراثية وغزو الفضاء والإقامة فيه، ولا يخلو الكتاب كذلك من التفكير الفلسفى لقضايا مثل: الحد من التسلح، والمبادئ النووية والحفاظ على البيئة والعلاقة بين العلم والدين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة