سرقة الآثار معروفة منذ سنوات وقرون طويلة، والمتاحف الأوروبية وقصور نبلائها تمتلئ بتراث الشعوب العربية من قطع أثرية متنوعة، لكنها أبداً لم تنسبها لنفسها، الجديد الذى استحدثه الإسرائيليون هو نسب الإرث الدينى والثقافى ورموزه المادية والفكرية إلى الإرث اليهودى، لقد استحبوا هؤلاء الخنازير عملية النهب والسلب وتدليس الوقائع، فلم يجدوا غضاضة فى نسب تاريخ غيرهم لهم. فأية دناءة وصل لها هؤلاء السفلة.. فبعد أن اغتصبوا الأرض وهُجّروا الشعب الفلسطينى، حان الوقت ليتعرض التراث الفلسطينى لسرقة منظمة لكل ما يمثل جزءا من تاريخه، فمثلا ضبطت شرطة السياحة والآثار الفلسطينية خلال 2009 فى مناطق السلطة فى الضفة الغربية 4146 قطعة أثرية مسروقة من عملات نقدية، وقطع فخارية، ومعدنية، وحجرية، ومخطوطات. وكانت قد ضبطت 4510 قطع أثرية فى 2008.
وقبل فترة أعلنت هذه الدولة المغتصبة ضم الحرم الإبراهيمى ومسجد بلال بن رباح فى مدينة الخليل إلى قائمة التراث الإسرائيلى. ويضم الحرم الإبراهيمى المغارة التى دفن فيها خليل الله سيدنا إبراهيم عليه السلام، والسيدة سارة زوجته، وابنه النبى يعقوب عليه السلام وزوجته. ولقد تم بناء المسجد فى عهد الدولة الأموية، أى منذ ما يقارب 1350 سنة تقريباً، وأصبح معلما إسلاميا منذ ذلك الحين، وقد تحول إلى كنيسة فى فترة الحروب الصليبية، لكنه وبعد انتصار المسلمين عاد مرة أخرى لكى يصبح مسجدا للمسلمين المؤلم فى الموضوع أن هذا التراث ليس حصرا على الفلسطينيين، فهو معلم إسلامى له علاقة بأمة تزيد على مليار وسبعمائة مليون نسمة، أى ربع سكان العالم -حسب آخر الإحصائيات- فكيف يمكن لشعب لا يزيد على 11 مليوناً -حسب إحصاء 2007- فعل كل هذه الأمور بنا. كيف أمكن لهم إخضاعنا وإذلالنا بهذه الصورة.
أعتقد أن ضم الحرم الإبراهيمى هو بالون اختبار من قبل الحكومة الإسرائيلية لجس نبض الشارع الإسلامى والعربى بالخصوص ولا تستغربوا أن تستيقظوا يوما -وقد يكون ذلك قريبا- وتجدون إسرائيل قد ضمت المسجد الأقصى الحبيب إلى تراثها بشكل رسمى. فما هو موقفنا إزاء هذه الفاجعة؟ هل سنظل نمارس الفرجة المجانية والشجب بس إلى متى؟ هل سندافع عن مقدساتنا؟ أم سنمارس الصمت الاختيارى!! الذى يكشف عن عجزنا وعجز العرب حتى عن قولة "لا".
