تخيل أن مصر بشعبها وتاريخها يختزل فى فريق لكرة القدم؟ تخيل أن بلد من أكبر البلدان العربية والأفريقية لا يعرف الناس عنها إلا أسماء لاعبى كرة القدم وبعض أسماء الممثلين والمغنيين؟، هل مصر أصبحت منتخبها القومى وأنديه الأهلى والزمالك والاسماعيلى ؟هذا سؤال اطرحه على نفسى كلما ازو أى بلد عربى الشباب لا يسألوك إلا عن المنتخب القومى ولاعبيه والناديين الكبار واسألهم ألا تعرفوا عن مصر إلا هؤلاء يذكر لك البعض أسماء بعض المطربين الشباب أو بعض الممثلين أو اسم أو اثنين من رجال الأعمال فقط، وإن كان اسم الدكتور محمد البرادعى بدأ فى الظهور ولكن عند عينة صغيرة من الشباب لماذا هذا الاختزال الذى حدث لمصر؟ أن تختزل فى فريق كرة أو فى رياضة، والسؤال الثانى من السبب فى هذا الأمر؟ هل نحن المصريون أم السياسيون أم المثقفون أم الإعلام أم أن اهتمامات الشباب العربى اختلفت؟، وأصبح سطحى فعلا وإن كنت أستبعد هذا الأمر الأخير فالشباب العربى هم الآن من يقودون ثورة التغيير وهم الآن حاملو لواء الموجة الرابعة من الديمقراطية القادمة إلى منطقتنا وها هى على الأبواب سواء أراد الحكام أو لم يريدوا.
إذن أين المشكلة؟ فى هذا الوضع المزرى نعم منتخب مصر حقق إنجازات على مستوى كرة القدم فى أفريقيا لكنه فشل على مدار 22 عاما فى الوصول إلى كأس العالم وفشل حتى فى بطولة القارات الأخيرة، واكتفى بعرض جميل أمام البرازيل وفوز هزيل أمام إيطاليا، ورغم ذلك فقد أدى ما عليه إذ أعاد جزء من الفرحة والافتخار للمصريين لكنه لا يمكن بأى حال من الأحوال أن نختزل مصر فيه وأن نعتبره مشروعنا القومى الذى نلتف حوله لأنه لن يحل مشكلاتنا بل يفاقمها لأنه يخدرنا بعض الوقت بانتصارته ثم نعود للواقع لنجده أكثر سوءً.
أما المثقفون فأغلبهم ارتمى فى حضن السلطة حتى من كانوا معارضين أصبحوا الآن من سدنة السلطة والمدافعين عن رموزها بكل جرأة وبدون كسوف والجزء القليل الباقى أصبح يجرى خلف لقمة العيش، ويحاول أن يكون له صوت لكن الجزءالاول سيطر على كل شيء ولم يبقى له اى شيء ولم يعد هناك ابداع حقيقى نفتخر به على جميع المستويات الثقافيه والفنيه وتلاشى هذا الدور الذى كنا نفتخر به حتى الثمانينيات من القرن الماضى وان وجدنا مبدع جريء يحاول ان يكسر التابوهات التى تحكم هذه البلد نجد جيشا من المحتسبين الجدد من اذناب السلطه وخدمها يطاردونه اما القضاء حتى يخرسوه
اما الاعلام المصرى فقد ضرب فى مقتل وفقد دوره الريادى بعد ظهور القنوات العربيه العملاقه والتى تديرها امبرطوريات ماليه كبيره وسيطرت على الانتاج الاعلامى بكل فنونه حتى الاعلام الفضائى الخاص فشل فى مواجهه هذه القنوات العربيه وأصبحت قنوات مجرد سبوبه تدر اموالا لمالكيها اكثر مما يكون لها رساله وطنيه تجمع المصريين والعرب حولها وتدنى نسب المشاهده للقنوات المصريه مقارنه بالقنوات العربيه مثل العربيه والجزيره تؤكد ذلك واصبح الاعلام الرسمى عاجز تماما عن مواجهه الاعلام الرسمى لبعض البلدان العربيه وتحول الى بوق دعايه ليس للحكومه فقط ولكن للحزب الوطنى وقيادته وضاعت الريادة الاعلاميه
لايبقى الا السياسيين وهنا لااقصد الذين يحكمون فقط فهم يتحملون الجزء الاكبرولكن الذين يشتغلون ويمتهنون السياسه فهولا اصبحوا محليين فجميع الاحزاب اعلنت دعمها للسياسه الخارجيه للحزب الحاكم فلم نجد حزبا اعترض على موقف سياسى خارجى اتخذه الحزب الوطنى ولم نسمع عن رئيس حزب معارض زار اى بلد عربى والتقى مع قيادات الاحزاب هناك ونسق معهم سيقولون قانون الاحزاب يشترط الحصول على موافقه لجنه الاحزاب فهل حاول احد ورفضت اللجنه او رفضت الحكومات العربيه فالتنسيق السياسى مقطوع على مستوى الاحزاب العربيه فمن اين يعرف الشباب العربى اسماء الاحزاب المصريه حتى الكبيره منها والتى عددها الدكتور سرور منذ ايام وحتى هذه احزاب يجلس قادتها فى مقراتها ولايخرجون منها الا باذن من امن السلطه
أما الجاثمون على قلوبنا من الشلة الحاكمة فهؤلاء لعبوا دورا كبيرا فى تفريغ عقول الشباب المصرى والعربى من أية محاولة للتفكير الناقد ورفعت على مدار 29 عاما شعارات خادعة وكاذبة وهى نفس الشعارات التى استخدمها الحكام العرب، وكانت سلطتنا رائدة فى هذا المجال، والحكام العرب يقلدونها بدون تعديل حتى فى السيناريوهات، لذا خرج الشباب العربى لا يعرف عن مصر إلا المنتخب المصرى وتامر حسنى وعمرو دياب وأصبح من حق هولا ان يوصفوا أنفسهم بأنهم أهرامات مصر الحديثة ولا عزاء لمن يحاول إنقاذ هذه الأمة.
* نائب رئيس تحرير الوفد
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة