عبد العزيز الكفراوى يكتب: محدودية الثقافة

الإثنين، 26 أبريل 2010 11:56 ص
عبد العزيز الكفراوى يكتب: محدودية الثقافة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى هذه الأيام نشهد جميعا متغيرات متعددة الشكل واللون والرائحة تطرأ على مجتمعنا، نواجهها بأبداننا بما لدينا من مخزون بيولوجى ونفسى وثقافى كل منا حسب وما يختزنه بداخله.

هذا الأمر خلق صورا متعددة ومتفاوتة من ردود الأفعال كل حسب طبيعته، ولكن المشكلة أننا فى هذه الأيام بالتحديد نجد أن أكثر من نصف المجتمع، أى حوالى أكثر من 40 مليون نسمة، يقع فى الفئة العمرية أقل من 35 عاما، والباقى من أصل 80 مليون نسمة وهو التعداد الإجمالى لمصر من الفئة العمرية أكثر من 35 عاما، والذى دائما ما يسلم الراية للجيل الذى يخلفه. والشىء المحير هنا إن النصف الأقل عمرا وهو بحجم دولة وهو النصف الواعد بات بحجم دولة داخل دولة نشأ وترعرع وكان أكثر تمتعا وانفتاحا على الكثير من الحركات التحررية، شهد توحد الدولة الألمانية وانهيار الجدار العازل، وتشتت الاتحاد السوفيتى وانحسار الفكر الشيوعى وإحلال الفكر الاقتصادى الرأس مالى بديلا عنه، واتفاقيات التجارة العالمية التى يطلق عليها الجات وتقدم علوم الهندسة الوراثية البيولوجية ونجاح الاستنساخ واستقدام التعليم الدولى بالمدارس الوطنية.

وبفضل الفضائيات أصبح المجتمع أكثر تمتعا بالعولمة وبفضل الإنترنت والتقدم التكنولوجى فى مجال الاتصالات بالصوت والصورة كان قصر المسافة الحضارية بين مجتمع من دول العالم الثالث والدول المتقدمة ملموسا، وأخيرا التقدم العلمى الفيزيقى فى مجال علم النانو تكنولوجى.

إلا أن محدودية الثقافة ما زالت موجودة وأصبحت قدرتنا على مواجهة كل ماهر جديد ليست بالقدر الكافى من الاستيعاب لأبعاد الشيء الجديد ودراسته بعناية وتحليل آثاره السلبية والإيجابية على قيمنا وثقافتنا وعقائدنا، التى ورثناها عن آبائنا وأجدادنا.

وظهرت على المجتمع شواهد غريبة مثل التفسخ الأسرى، انتشار البطالة، البعد عن الدين، ظهور عقائد جديدة منقولة من مجتمعات أخرى، انتشار المثلية، انتشار الدعارة، حدوث تفاوت اقتصادى ملموس بين طبقات المجتمع وتفاقمت الكثير من المشكلات الأخرى مما أوجب حدوث وقفة لكى نراجع فيها أنفسنا ونعيد تأهيل ذاتنا.

لكى نستطيع أن نحافظ على هويتنا ومصريتنا وأن نحقق أرضية وقاعدة ثقافية لأولادنا يجب أن نعيد البناء الثقافى القومى الوطنى، وأن نعمل على تعلم أصول إتاحة الفرصة للرأى والرأى الآخر ولكى نثقف أنفسنا، نبدأ أولا بثقافة الحوار، الحوار الديمقراطى، الحوار العاقل الهادئ الذى يحقق المصلحة المشتركة بين جميع الأطراف وأن ننبذ الفساد، وأن نمتنع عن العادات السيئة فى داخلنا، وأن نمتنع عن توجيه السباب لبعضنا البعض لمجرد اختلافنا فى الرأى.

و أن نوحد أنفسنا فى الآمال والطموحات، وأن لا تتشتت صفوفنا، و أن نبتعد عن التقليد والمحاكاة لكل ما هو جديد، وأن نفكر قليلا قبل الفعل، فإنه ليس كل ما هو وارد من الخارج يناسبنا، وأن نرجع للقراءة فى شتى المجالات، مثل علوم الأمراض النفسية والصحية والهندسة والتاريخ والعمارة والفلك والبيئة الخضراء والتنمية المستدامة، وأن نكتب جميعنا بيد واحدة عبارة واحدة هى المستقبل.

إن وطننا ومصرنا الغالية دفع وبذل فيها الأجداد من كل ملة وفكر الدم والروح بالفداء والكثير لكى نصلح من شأن الوطن، نستلهم من رصيده الثقافى الموروثات التاريخية، فرعونية أو يهودية أو قبطية أو إسلامية عقيدة حب الوطن، فليكن حبنا للوطن هو الفكر الذى يوحدنا والمعلم الذى نستلهم منه أسلوب الحياة ولنبتعد عن الفردية، وأن لا نجعل السباق نحو كرسى الحكم وليكن السباق نحو خدمة الوطن، وأن نبتعد عن بناء الآمال فى كراسى الحكم، وعلى من يعتليها، فإن كل منا زائل إلا مصر ستظل أبد الدهر هى حبنا وهى مقصدنا.

هذه ثقافة جديدة على المجتمع المصرى يجب أن نثقف بها أنفسنا، فمنذ قديم الزمن، حوالى 7 آلاف عام، يلتف شعب هذا البلد حول حاكم واحد يبث فيهم هو وحاشيته فكره وعقائده، أين نحن؟ أين فكر المواطن نفسه؟ أين فكرنا؟ أين ثقافتنا؟ أين قدرتنا على الحراك؟

أدعو كل واحد منا أن يلتف حول حب الوطن والإخلاص فى العمل والحفاظ على الاستقرار وأن نخلص الوطن من الفساد فقط بمقاومته سلوكيا وذاتيا.

يجب أن نكون على دراية بما يخططه لنا المتربصون من الشرق والغرب والشمال والجنوب، يجب أن نستعد للمواجهة حتى لا يصيبنا الشلل والتشتت فى معالجة الصدمات، يجب أن نعد الخطط لتنفيذ الآمال والطموحات لتحقيق مصلحة الوطن قوميا وعالميا، فلا حاجة للحزبية أو فكر بعينه لكى نحقق آمال وطموحات الوطن، وليكن البناء محصورا ومركزا فى المواطن المصرى صحيا وعلميا وثقافيا، ولنبدأ من البيت من الأسرة الطفل منذ مولده، فالمواطن هو الرصيد، هو قوة الوطن هو المستقبل والتاريخ، فلنساند أنفسنا ولندعم أنفسنا بالإيثار إن لم أستطع أن أحقق الشيء أعطى الفرصة لمصرى آخر، قبطيا أو مسلما، وأسانده لعله يكون مصيبا فى الخير، الخير للوطن والمصريين، فلا أخاف من ضياع الفرصة، فان الفرصة ستعود مرة أخرى، وسيعود الخير لى مرة أخرى ولأبنائى وأحفادى من بعدى.

• معمارى ومخطط مدن





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة