دعت صحيفة الجارديان البريطانية مصر إلى ضرورة التفاوض على مياة النيل، وقالت الصحيفة فى المقال الذى كتبه مراسلها فى القاهرة جوزيف مايتون إن مصر باعتبارها الدولة القائدة فى المنطقة، يجب عليها أن تقوم بتطوير اتفاقية جديدة بشأن مياة النيل، وحذرت بأن عدم تحقيق ذلك يهدد بمخاطر اندلاع العنف ومزيد من نقص المياه.
ويستهل الكاتب مقاله بالقول إن مبادرة حوض النيل كانت تستعد فى الصيف الماضى لعهد جديد من عمرها. وكان ذلك من المفترض أن يمثل نقطة تحول فى الشراكة الجغرافية التى يمكن ترجمتها عالمياً باعتبارها نموذجاً تتبعه الهيئات الإقليمية الأخرى التى تتعامل مع المصادر الطبيعية.. لكن اليوم، اختفى التفاؤل وحل مكانه سلطة السياسة ومزاعم الأمن القومى.
فقبل انعقاد مؤتمر فى الإسكندرية فى يوليو الماضى لإعادة التفاوض على مصادر مياه النيل، كانت هناك حالة من الإحباط والغضب تجاه مصر. وانتقد المحللون والمعلقون وخبراء المياه مصر فى هذا الوقت بسبب رفضها التفاوض على اتفاقية جديدة مع دول حوض النيل الثمانية الأخرى، واتهموها بالغطرسة.
وفى اجتماع شرم الشبيخ الذى عقد فى أوائل الشهر الجارى، ظلت مصر متمسكة بموقفها وقالت إنها لا تستطيع البقاء بدون حصتها من المياه التى تقدر بـ87%، مشيرة إلى الأزمة المرتقبة فى المياة خلال السنوات الخمس القادمة.
وهذه المرة وعلى العكس من يوليو الماضى، فإن المثقفين المصريين دعموا إلى حد كبير رفض الحكومة لاتفاق جديد، وقالوا إن مصادر المياه بالنسبة لمصر قضية أمن قومى.
ويرى مايتون أن المفارقة هى أنه فى حين أن مسئولى الحكومة والمعلقين يطرحون "سيناريو يوم القيامة" لتبرير هيمنة مصر على مياة النيل، فإن ملايين المصريين يعانون من نقص المياه على أساس يومى، اليوم، وليس خمس سنوات من الآن.
كما يعتقد مايتون أن المسئولين المصريين والمعلقين لديهم حق فى الخوف من نقص المياه، فمن السهل أن نرى من يخشون منهم، وهم هؤلاء الذين يتمتعون بالقوة والنفوذ الاقتصادى. ولهذا السبب لا يريدون التفاوض على معاهدة جديدة يمكن أن تجعل مصر تخسر أى حصة من المياه التى تحصل عليها منذ عام 1959 والتى تصل إلى 55.5 مليار متر مكعب، فى حين أن السودان يحصل على 14.5 مليار متر مكعب.
ومصر باعتبارها زعيمة المنطقة سياسياً واقتصادياً يمكن أن تصبح بحق زعيمة إذا كانت ترغب فى تجاوز رغبتها فى الإبقاء على اتفاقية وضعتها عن طريق "الأسياد الاستعماريين". ويمكنها بدلا من ذلك أن تضع اتفاقاً مع دول حوض النيل من شأنها أن تتجاوز الحدود حقاً.
كما يمكن أن تتوصل الحكومة المصرية إلى اتفاق مع دول حوض النيل الأخرى يقلل من حصتها من المياه مقابل إقامة محطات تحلية مياه على طول ساحل البحرين الأحمر والمتوسط. وهذا من شأنه منح مصر القدة عل زيادة إنتاح المياه أو الإبقاء على نصيبها كما هو دون حرمان دول المنبع من قدرتها على تطوير وتحسين الإنتاج الزراعى.
وخلص الكاتب فى النهاية إلى القول بضرورة وجود طريق جديد بجوار النيل أن تبذل مصر جهوداً لحل الأزمة قبل أن تصبح من المستحيل إداراتها. فبإمكان مصر أن تصلح أو تواجه العواقب من بلدان المنبع وحدها. وهذا الأمر أكثر خطورة على الأمن القومى.
