جدد ثورة بركان أيسلندا النقاش عن ما حدثه التغييرات المناخية فى بيئة الارض التى نعيش فيها وتجدد السؤال مرة اخرى هل الحكومات فقط هى المسئولة عن ثورة الطبيعة أم الافراد أم الاثنين معا، وهل للانسان علاقة مباشرة مع البيئة الطبيعية، لقد شاهدنا فى وسائل الاعلام المختلفة المارد الغاضب الذى استيقظ فى الجزيرة المتجمدة النائية وعلى قمة جبل جليدى، بركان ينفث حممه ورماده الاسود مخلفا وراءه سحابة غطت السماء الزرقاء وامتزجت مع بياض الثلوج فى أعالى الجبال الجليدية وتحركت كإعصار غطى عشرات الكيلومترات من القارةالاوروبية ليتسبب فى خسائر بمئات الملايين من الدولارات وهلع المسافرين الذين علقوا بالمطارات اكثر من خمسة أيام مع قلق ذويهم فى انحاء العالم. كارثة طبيعية جديدة فى اقل من اشهر على زلازل هايتى وشيلى والصين ومن قبلهم اعاصيرتوسنامى وكاترينا وغيرهم.
وقد حذر منذ عامين عالم البراكين المرموق د.فريستين سيجيمانسون فى دراسة له من عودة هذا البركان إلى الثوران بسبب تأثير ظاهرة الاحتباس الحراري، لتثبت الأيام صدق كلامه بالفعل.
واتذكر ماقاله احد اساتذه جامعة مكجيل بمونتريال- كندا وهو استاذ علم الجغرافيا، د جورج براون فى مؤتمر عقد فى أغسطس الماضى عن البيئة . بعد ان عدد د بروان الاسباب الرئيسية للتغيرات المناخية وابرزها الاستخدام الغير آمن للتكنولوجيا الحديثة وخاصة فى الدول الصناعية الكبرى فى مارثون لا ينتهى للاستحواذ على الاسواق العالمية والاستئثار بثروات العالم بغض النظر عما تحدثه هذه التكنولوجيا فى الكون وتأتى سلبا على باقى دول العالم. ولاول مرة استمع الى تعبير"الاقتصاد الاخلاقى " الذى ذكره د براون كمشروع به العديد من الاعضاء فى العالم الذين يؤكدون ان البعد الاخلاقى فى تنمية الاقتصاد العالمى لابد ان يعتمد على علاقة الانسان بالبيئة التى يعيش فيها ليس فقط على المستوى الوطنى بل المستوى العالمى، كما ان الأنسان فى اى منطقة بالعالم يحتاج الى ان يفكر كمواطن عالمى مشارك ومؤثر على البيئة وليس كمستهلك للبيئة ومصادر الثروة فقط. وحلل د براون النموذج الأقتصادى الموجود حاليا بالعالم الحالى بانه يهوى بكوكب الارض، لأنه قائم على التنافس والانانية وليس على التكامل والشراكة بين اقتصاديات دول العالم أجمع.
وفى نفس المؤتمر قال الدكتور "راجندرا باكورى" رئيس لجنة جائزة نوبل للمناخ ان هناك ظلم صادر من بنى البشر يقع على البيئة المحيطة بكوكب الأرض بسبب التغييرات المناخية الناتجة عن انانية الأنسان – وعلى قادة العالم ان يبحثوا ويفحصوا غياب البعد الأخلاقى المنذر بعواقب ضارة بالبيئة . ان تأثير التغييرات المناخية ستؤدى الى خلق عدم توازنات هنا وهناك وستكون تأثيراتها قاسية على عدة مناطق فى العالم. واضاف انة يجب علينا ان نفكر بعمق فى موضوع غياب الأخلاق.
وصرح "طاهرى نايلور" ان حقيقة واسباب التغييرات المناخية –ليست مشاكل سياسية ولا اقتصادية ولا علمية لكنها مشكلة اخلاقية بالدرجة الأولى واستطرد نحن نعلم ان الدول الغنية تساهم بقدر كبير فى صنع المشكلة المناخية اكثر من الدول الفقيرة مما يشير الى قلة وجود العدل الذى يجب ان يؤخذ فى الأعتبار عند السعى وراء الحل طويل الاجل .انها ليست مسئولية القادة وحدهم لكن يجب مشاركة القاعدة الجماهيرية، وأن تعى الجماهير ما هو مطلوب لحل المشكلة عندئذ سيأتى دور القادة على انة مطلب جماهيرى. انها قضية أخلاقية والتمسك بها أمر حيوى نحو الحل الذى سيصب فى مصلحة الجميع.
نحن نحتاج الى تغيير أفكارنا وتقديراتنا التى ترى الأنسانية كشريك فى عمليات التطور وتجنب المسلك الاستهلاكى الذى ينادى باستغلال مصادر الأرض افضل استغلال – على الإنسانية ان تتمسك وتحترم القيم الأخلاقية وتقوم بعملية تبادل الامتيازات والأرزاق للكل – علينا ان ندرك أن الأطار الأخلاقى الجماعى هو الذى يجب ان يسود وليس الإطار الفردى الأنانى. لقد لعبت الأديان دورا مهما فى إنهاء وتحريم الاستعباد والتمييز العنصرى وحان الأوان أن يعتقد الناس أن سلوكياتهم الدينية لها تأثير على التغييرات المناخية وأن هذه السلوكيات تساعد على تشكيل الأستجابة الأنسانية نحو موضوع البيئة.
إن قضية عدالة المناخ ليست هى الصراع والتنافس على الموارد المحدودة والمصادر المتاحة فقط ، بل إنها مراحل للشفافية والتوجه نحو اتحاد الأمم وسعيها الدؤوب نحو بناء يمكن استدامته على دعامة العدل والسلام.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة