إذا كانت الحكومة رقيقة إلى هذا الحد، تخاف على المواطن من الهواء الطائر فلماذا تظل تتفرج على الشباب العاطل والمقهور والمكتئب الذى يكاد ينفجر من جنابه بفعل البطالة وقلة الحيلة، ويضطر للهرب ولو إلى قاع البحر. وبعد ان يغرق او ينتحر يتحول فجأة إلى "نن" عين الحكومة تدلعه وتقدم له الغالى والنفيس وتسهر على راحته. تزعم أنها حريصة على منع الهجرة غير الشرعية ولا تحاول البحث عن حل لأسبابها وتواصل القبض على فروعها.
نقول هذا بمناسبة إعلان القبض على 14 متهما بوصفهم المتسببين والمسئولين عن تهريب الشباب إلى أوربا وإغراقه فى البحر الأبيض أو الأحمر. وأعلن المعلنون أنه تم القبض على سماسرة الهجرة غير الشرعية المتسببين فى إغراق 11شاباً الشهر الماضى أثناء عملية تهريب 70 إلى إيطاليا عن طريق قرية برج مغيزل بكفر الشيخ . وتم القبض بالمرة على 23شابا من محافظات الشرقية والدقهلية والبحيرة والغربية، بتهمة الهجرة غير الشرعية وهناك 35 شابا آخرين لم يتم العثور عليهم و من المحتمل أن يكونوا هربوا إلى سواحل إيطاليا وهذا احتمال جيد لكنه مستبعد، أو يكونوا هربوا الى قاع البحر الأبيض المتوسط. هؤلاء المتهمين لو كانوا متهمين فهم ليسوا المتهم الرئيسى، وبعضهم ضحايا البطالة ونسبة نمو الدكتور نظيف.
الشباب يهرب للغرق فى البحر الأبيض أو الأحمر لان أغلبيته لا يجدون عملا وإذا مرضوا فلا علاج وإذا جاعوا فلا طعام هم يغرقون فى بحر البطالة الأسود لم تدركهم برامج الحكومة ولم تطعمهم بيانات الدكتور ولا نسبة نموه التى توقف نموهم وتدفعتهم إما إلى الانتحار أو الهرب إلى هجرة غير شرعية من وجهة نظر الحكومة بينما هى محاولة شرعية للهروب من جحيم القهر.
وبالرغم من بيانات الحكومة بان تكون سند من لا سند له وبنطلون من لا بنطلون له. فهو كلام للاستهلاك البرلمانى الاستاتيكى. المواطن مضروب طوال الوقت بالحذاء الحكومى اللامع إعلاميا، فإذا حلت الكارثة يتحول هذا الكائن المهمل المطنش الطالعة عينيه، إلى " عزيزى المواطن" يتسابق المسئولون من محافظين وغير محافظين للطبطبة عليه والابتسام فى وجهه، وهو الذى لم يكن يحلم بمقابلة ابن خال سكرتير نائب رئيس مجلس مدينة، ويسارع رئيس الوزراء ليرتدى ثوب المناسبة ويطلع على الناس ليعلن اتخاذ كافة الإجراءات والخطوات لدفن هذا المواطن وإتاحة الفرصة أمامه للحياة الكريمة والعزيزة والأمينة والفريدة.
لو كانت الحكومة صادقة فى"حنينائها" وحدبها لقدمت للمواطن الحى واحد على خمستلاف مما تفعله وهو غريق أو مسحوق أو معدوم العافية،لكن الحكومة مشغولة جدا بمتابعة التتابع المتبوع تبعا. لاتعرف للضحايا اسما، ولا تعلم أن المواطن اسمه احمد أو حنا أو جورج أو مصطفى، وتكتفى بلفظ الضحية. وبينما هى تذرف دموعها على الشباب الغارق، تمارس نفس سياسة االطناش الاقتصادى والاجتماعى التى تغرقه أو تدفعه للانتحار.. رئيس الوزراء والوزراء الذين يتركون قيلولاتهم من اجل راحة المواطن الغارق يرتدون فى كل كارثة وجوههم الخشبية ويطلقون التصريحات بخشوع ووجل، و لسان حالهم يصرخ" أف عليكم يا مواطنين وعلى بلاويكم انشالله تموتوا".
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة