أمل صالح تكتب: صانع الأحذية ومخرج الروائع خالد يوسف

الأحد، 25 أبريل 2010 10:33 ص
أمل صالح تكتب: صانع الأحذية ومخرج الروائع خالد يوسف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
منذ مايقرب من يومين وجدت نعلى يحتاج لترميم فورى، وحينما تتأزم ونصبح آخر الشهر يأتى دور " عم سعد "، الرجل الأربعينى البسيط، صانع الأحذية بحى الوراق وأشهرهم على الإطلاق، وفى ميعاد استلامى لحذائى جلست فى قعدة دردشة، هى الأولى من نوعها، مع عم سعد الذى حينما أدرك طبيعة عملى فى بلاط صاحبة الجلالة أسند ظهره على كرسيه المتهالك، وقال لى بحرقة شديدة كم يود الظهور بالتلفزيون ليصرح عن رأيه وعلى الملأ، حينها خطر بذهنى أنه سيتحدث عن مشكلته مع الكهرباء أو الضرائب اللائى أرّقاه الفترة الماضية وكانا أكبر همه حتى حل الأمر وأصبح "كله جميل وحلو" على حد قوله، لأجده يفاجئنى بقوله..

"يا أستاذة أنا نفسى أطلع فى التلفزيون علشان أقول رأيى فى واحد معين، ويعرف أن رأيى فيه على لسانى أنا وتحت مسؤوليتى" حينها تيقنت أنه سيتحدث عن مسئول أو صاحب معالى بحكومتنا الرشيدة أفسد علية هناءة أيامه وتسبب فى دوخته السبع دوخات، وعند سؤالى عن هوية هذا الرجل الذى يغضبه كل هذا الغضب وجدته يقول "خالد يوسف، الراجل ده شوه صورة المناطق الشعبية والعشوائيات، وأخد أحقر ناس فيهم وصورهم على أنه ده اللى بيحصل.. معقولة يا أستاذة الجار يبص لجارته ولاّ لأخت صاحبه ولاّ، استغفر الله العظيم، زنا المحارم والكلام ده".

للوهلة الأولى صدمت حينما وجدت الرجل البسيط الساعى على لقمة عيشة من صباحية ربنا ليوفر قوته وقوت أطفاله هو وخمس من الصناعية بمحلة البسيط حتى يتثنى له الحفاظ على إرث عائلته يحدثنى عن الفن وحالة وما قد يسببه من تشوهات فى ذاكرة شعب وأجيال متلاحقة عن طبقته، التى ينتمى إليها.

وحينما حاولت إقناعه أن الرجل"خالد يوسف" يقدم فنا، وفى النهاية فهو يعبر عن رؤيته ووجة نظره تجاه مجتمعه، الذى هو أيضا جزء منه، لأجد الدماء تتدفق من عروقه قائلا "فن هأو فن أيه يا أستاذة دا أنا الصنايعى اللى عندى ده" مشيرا لأصغر صبى لدية "فنان أكتر على الأقل لما بيخلص حتة فى إيده "يقصد حذاء" الزبون بيشكره، لمؤاخذة يا أستاذة، الأستاذ خالد يوسف على قد ما عاشر عمنا يوسف شاهين، الله يرحمه ما معرفش ياخد منه فنه ولا دقته فى تصوير الحقايق، اعتمد على أرخص حاجة متداولة بين الناس "يقصد جسد المرأة" علشان يضمن يدخله مشاهد ويعرف يكسب فلوس".

أبهرنى الرجل، فحينما تأتى الفرصة لمن بمثل حالة، ولا أقصد هنا التقليل أو الإساءة، بل من يسعى للتحدث لإيصالَ شكواه سيهتم بإرسال صوته للمسؤلين عن " المم"، لأجده مهموما بحال الفن ومفعوله السحرى بالكتابة بحبر من ذهب داخل أذهان وصدور أجيال متلاحقة، وإرساء صورة مشوهة لطبقة قد تندثر بيوم، لأنها كانت تستحق الاندثار لأفعالها المشينة الملوثة لماء النيل، بل والأكثر من هذا، قد يحملوها أعباء فشل الحكومات المتعاقبة فى حل أزمة رغيف العيش.. عمار يا مصر.






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة