ناقشت الناقدة الدكتوره أمانى فؤاد، رواية الأديب خيرى شلبى "إسطاطية"، والصادرة مؤخرًا عن دار الشروق فى الندوة التى عقدت مساء أمس، بصالون الدكتور عبد المنعم تليمة، وسط عدد كبير من رواد الصالون، رغم غياب الأديب خيرى شلبى عن المناقشة الذى اعتذر فور وصوله لمنزل د.عبد المنعم تليمة، ومنعه المرض من الصعود إلى الصالون.
وأوضحت الناقد الدكتوره أمانى فؤاد أن فكرة الرواية هى العدل والقصاص فى الحياة، ومزج خيرى شلبى بين فكرة العدل فى الأديان السماوية "حامد البراوى" وزوجته أو رجل الدين المسيحى "عازر صبحى"، وفكرة العدل فى الموروث الشعبى، والعدل عند رجل القانون، والمتمثل فى الرواية فى شخصية حمزة، وناقش خيرى شلبى فكرته من خلال مجموعة من الشخصيات البسيطة التى تمثل الطبقة الوسطى الريفية الصاعدة، فى أحد قرى مصر ومحافظاتها النائية، ذات الأصول التاريخية الممتدة إلى الحضارة الفرعونية.
وقالت أمانى فؤاد "تبدأ الرواية بعودة "حمزة البراوى" راوى العمل الرئيسى بعد أن أتم دراسته للحقوق فى الخارج، إلى قريته فى "منية الكردى"، وفى القرية يتعرض لمأساة "إسطاسية"، هذه المرأة المسيحية التى قُتل ولدها "محفوظ جرجس غطاس" بعد أن تآمر عليه عدد من الأفراد، الذين يمثلون عائلات تدور بينهم صراعات اقتصادية وأطماع بشرية متزايدة، وتيأس "إسطاسية" من عدل الأرض وأنظمتها، فتلجأ إلى السماء، فتقوم بعمل شعائر وتتوالى سلسلة من الأحداث تستنزل لها العدل والانتقام، ترتب الأقدار الأحداث التى يرويها حمزة تخص عائلته عمه "عواد البراوى" العمدة و"عابد البراوى" العقل المنفذ لكل المصائب التى وقعت للمجموعة وأولادهم، وسيد أبو ستيت وولده أدهم وابن أخيه رشاد وغيرهم، وينسج الروائى "خيرى شلبى" أسطورته الخاصة من خلال شخصية "إسطاسية"، وإسطاسية ليست شخصية مرسومة من لحم ودماء ومفردات وبصمات خاصة، قدر ما تمثل رمزا ومعنى وقيمة من القيم التى ينبغى أن يظل لها وجود على الحياة الأرضية، لإسطاسية طقس جنائزى تبدأ به الرواية ويلقى بظلاله على كل أحداث الرواية ومشاهدها، بل يسيطر على حركة الدراما فى النص، بالرغم من أنها لم تظهر فى الرواية كشخصية حقيقية لها أحداث ومشاهد سوى فى المشهد الأخير من العمل، ويعد ذلك توفيقًا من المبدع حين يضعها فى غلاله من الغموض، لقد صنع الكاتب أسطورته الخاصة التى تتلاقى مع الأسطورة الفرعونية "إيزيس وأوزوريس"، فعلى خط متواز مع هذه الأسطورة التاريخية يخلق الروائى الأم "إسطاسية" التى تشعل النار لتمتد ألسنتها تبكى إلى السماء طالبة للعدل الإلهى، تستنزل اللعنات على كل من ساهم فى إلحاق الأذى بولدها محفوظ جرجس، استبدل خيرى شلبى الزوجة إيزيس بالأم إسطاسية وجعلها تجمع أشلاء ابنها وأجزائه مثلما فعلت إيزيس مع زوجها، لكنها استمرت لأكثر من خمس سنوات، تقيم طقوسها وشعائرها، تجمع حقه فى العدل الإلهى ممن قتلوه، حتى نال كل من ساهم فى قتله نصيبه من انتقام السماء، فهى لا تجمع الأشلاء، لكنها بطقوسها تستدعى وقوع القصاص وتتعجل حدوثه.