زهورى السوداء السّرية

الجمعة، 23 أبريل 2010 09:37 م
زهورى السوداء السّرية فريد أبوسعدة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
هو الديوان الخامس للشاعرة أمل جمال، وزهور أمل السرية تنقسم إلى : زهور الحياة، وزهور الموت.

الديوان يمضى كصرخة فى فضائين متلازمين: فضاء الذات المربوطة فى عجلة عمياء لا فكاك منها، وفضاء الرعب الكونى الذى لا سبيل إلى مواجهته.

تصفح الديوان أشبه بتقشير لحاءات شجرة، ما أن تقشر لحاء الكائن حتى تجد لحاء الكون يبحلق بعينى الميدوزا، وهكذا لحاء بعد آخر فى جدل دائم ومأزوم بقلة حيلتنا أمام حياة نحبها ولا نستطيع أن نحولها إلى مكان أفضل يليق بنا.

فى فضاء الكائن (زهور الحياة) رغبة لا تريم فى الحب والأمان والوداعة يجترحه الخصام أحيانا، وسوء الفهم أحيانا، فضاء لا يخلو من الشجارات العائلية ولا من الرغبة فى تجاوزها أيضا كما يلوح من عناوين القصائد : ليلة سفرك، رد، شك، عتاب، تحد، رجاء، وجهى للحائط، بعيد جدا.

فى فضاء الكون (زهور الموت) قسوة ورعب وموت وخراب لا توقفه المظاهرات، أو الغضب على الساسة، الذين لا يثنيهم شىء عن المضى فى غيهم، فلا تبقى سوى المرارة والحزن والخسران، ومن اللافت أن تقدم لهذا الفضاء بمفتتح تقول فيه:
ابتسم قدر ما تستطيع الآن
ابتسم
قد لا تستطيع ذلك غدا!!
إنه استشعار بأن الأسوأ لم يأتِ بعد، لكنه قادم لا محالة، هذه الرؤية الكارثية تصبح أكثر فداحة ورعبا على وعى ووجدان القارئ، الذى يمضى إليها عبر قصائد هذا الفضاء: أطفال المخيم، انفجارات داخلية، احتجاج، أسبُ العالم، غضب، حالة الحرب.

بدءا من عنوان الديوان تصنع الذات الشاعرة علاقة حميمة مع القارئ، إذ توحى بأنها تخصه بهواجسها السرية، وتؤكد هذه الحميمية باستخدامها لضمير الأنا المتكلم.

"شعرية البصر" سمة بارزة فى ديوان أمل حيث يتحرك البصر إلى معاينة وسرد مشاهدات ووقائع حسية:
ليس ضروريا
أن تدفىء أنفاسك وجهى
أن يلتف ذراعك حول خصرى
فأتكور بفرح طفولى
وأغمض عينى لأوهمك بأننى نائمة

***
استخدام المونتاج فى تقسيم المشهد عبر القطع إلى زومات (لقطات كبيرة):
كوب ينفجر على طاولة
(قطع)
قبضة تقاوم فتحها بذهول
(قطع)
أصابع تقطر
(قطع)
تسكبون الكحول على كفى سريعا
فماذا عن نزيف القلب؟

***
استخدام التكرار فى بناء مشهد يتنامى، عبر وضع تفاصيل، مختلفة فى كل مرة، تحت جملة " بالطريقة التى" تحبها / أحبها تقول:

بالطريقة التى تحبها
سأترك شعرى منسدلا
......
بالطريقة التى تحبها
سأعد الدجاج والأسباجتى
.....
بالطريقة التى أحبها
سأقدم لك أصدقائى
......
بالطريقة التى أحبها
سأضبط الكاميرا
وأحبسك فى الكادر
..........
فى هذه اللحظة
سأقول ملاكا قد حط على روحى
وسأحتضنك
وأبكى بالطريقة التى أحبها.

***
ذات متوترة تراوح بين الغضب والحنان، بين الرغبة فى الحب والأمان وبين الشكوك والعتاب والخصام تقول:

لدى رغبة شديدة فى أن ألكم وجهكِ
لكمة تجعل عينيكِ زرقاء
ونصف مغمضة
.....
تقطعين الشوارع كلها ترتجفين
تحاربين الهواء الذى يكسر المظلة
ربما تجلسين أمام كنيسة مع المشردين
أو فى محطة مترو
ربما تدخلين إلى مقهى
وتنظرين بتحد إلى المطر ثم تمشين
يا غبية لِمَ لا تعودين سريعا
تحتضنين صورته
دميته
خطه الصغير الردىء
وتبكين

فى فضاء الكون، أو زهور الموت، تنسى الذات الشاعرة بعض إنجازاتها الجميلة فى الاقتصاد والمشهدية والدرامية، فتقع، تحت وطأة الانفعال، فى عمومية اللحظة، وتطفو على النصوص تعليقات مباشرة، تثلم النص
فتقول:
من الذى سرق الأمان من أحضاننا
فاحتضنا بندقية؟
من الذى خطف اللعبة من كف الأطفال وأعطاهم بندقية .
لكنها سريعا ما تعود إلى منجزها الفاتن لتقول:
سوف أكتب لك
أن جثثا كثيرة تخرج من شاشة التليفزيون
تمسكنى من كتفى وتهزّنى
لعل الدمعة المتحجرة بعينى تسقط

أو تقول:
هزّنى
اربت بكفك فوق خدى
وامسح دمعتى.
اذكر لى
عدد الجنود الذين استوقفوك بالطريق
واسم الدواء الذى أحضرته لابننا
حتى أصدق
بعد كل هذا القصف
أنك حى!!





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة