بالأمس القريب وجدت بابى يطرقه شاب يظهر على وجهه علامات الحزن الشديد، وقد بادرنى بقوله أنت لا تعرفنى، لكنى أعرفك جيدا، وأحمل لك رسالة من إنسان تعتز به ويعتز بك، وعرفت منه أنه ابن استاذى العزيز مصطفى حسين فولى الذى تتلمذت على يده، فكان نعم المعلم والمربى، الذى يؤدى أمانة العلم ابتغاء مرضات الله، كما أنه خرج أجيالا من الذين اعتلوا أعلى المناصب، ودعمهم بقيم وأخلاق ديننا الحنيف.
لكن المفاجأة أنى علمت من نجله، أنه الآن معتقل بسجن وادى النطرون، بتهمة الانتماء لجماعة محظورة! وأنه أرسل لى رسالة أترككم تعيشون مع سطورها حتى تعرفوا عظمة الرجل واعتداله، مع العلم أن أستاذى كان أول من تصدى لفكر الجماعات الإسلامية المتطرفة منذ مطلع الثمانينات بمحافظة بنى سويف وفيما يلى نص الرسالة..
"الى ابنى العزيز هانى صلاح الدين، أرسل إليك هذه الرسالة من مكان شعاره الظلم أساس الحكم، والبطش بالمخلصين لأوطانهم عنوان المرحلة.. أكتب إليك من زنزانة عاش فيها آلاف المظاليم قبل قدومى إليها، سجلوا على جدرانها آهات من الظلم الذى كوى جوانبهم.. بل أرسل إليك من سجن شديد الحراسة، على أمثالى الذين عشش المرض فى أجسادهم، وضعفت قوتهم، لكن يا بنى أعلم يقينا أن هذا الاعتقال ما زادنى إلا حب لديننا ووطننا، ونعلم يقينا أن ما يعيشه وطننا من انقلاب للأوضاع ما هو إلا سحابة صيف، سرعان ما تنكشف، كما أريد أن يعلم من اعتقلونى فى هذا المكان، أن سفينة الوطن أمانة فى أعناقهم، وسيحاسبهم الله يوم القيامة عليها، وأننا لم نكن فى يوم أعداء لأحد، فأنا أعشق كل مصرى مسلما كان أو مسيحيا، وبذلت كل جهدى من أجل التصدى للأفكار المتطرفة لبعض الجماعات المتشددة، ووطنى أفديه بدمى وأحميه بروحى إذا استهدفه عدو له.
ولعلك يا هانى تتذكر كم كنت حريصا على غرس الانتماء لهذا الوطن، فى قلوبكم وأنفسكم، وكم ربيتكم ومازلت أربى أبنائى فى المدارس التى أعمل بها، على بذل كل الجهد لرفع شأن بلدنا بين الأمم، لكن أشعر الآن بالظلم الشديد، فقد برأنى القضاء من التهم الباطلة التى وجهت لى من قبل جهاز أمن الدولة، ولكن للأسف وجدت نفسى معتقلا بلا تهمة، وسجينا بلا ذنب، ومغيبا فى ظلمات السجون، لأنى أعشق وطنى، وأحمى طلابى من فساد الأخلاق، وأؤدى أمانة عملى، "هل جزاء الإحسان إلا الإحسان ".
لا أريد أن أطيل عليك لكنى أردت أن تعلم أحوال المظاليم فى بلادنا، وتنقل واقعهم للرأى العام، وتطالب أنت والصحفيون الشرفاء، من بيدهم مقاليد الحكم، أن يرجعوا عن ظلم المصريين، فالظلم ظلمات يوم القيامة، وأرجو أن يعلموا أنهم مهما فعلوا بنا، فلن نكفر بحب أوطاننا، بل وسنزداد تمسكك بقيمنا، وأن موعدنا يوم القيامة الذى يرد فيه الحقوق لأصحابها، حيث لا وسطى ولا محسوبية ولا فساد، ولكن عدلا مطلقا من رب حرم الظلم على نفسه وعباده.
لن أعلق على كلماتى أستاذى البليغة، إلا بمطالبة وزير الداخلية بالاستجابة الفورية للحكم القضائى، الذى أكد كذب التهم التى وٌجهت لمعلمى الأستاذ مصطفى حسين الفولى.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة