د.طارق النجومى يكتب.. ولدت عشوائياً وسأموت عشوائياً!

الجمعة، 23 أبريل 2010 06:23 م
 د.طارق النجومى يكتب.. ولدت عشوائياً وسأموت عشوائياً!

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الولاد دول كان لازم يتربوا.. والأمن كان حنين معاهم.. دول كان لازم يضربوهم بالنار.. كلمات لنائب عن الشعب انتخبه المواطنون ليدافع عن مصالحهم.. تعجبت أن يحرض على قتل شباب كل جريرته أنه وقف باحترام ليعلن عن معارضته ومطالبه.. التى يرى الكثيرون مشروعيتها على اختلاف مشاربهم!!
جعلنى هذا الأمر أتساءل لماذا العشوائية لها اليد الطولى فى التصرفات والأقوال والانفعالات والقرارات فى وطننا الحبيب؟؟
طاف بى الخيال.. مرت أمام عينى سنوات العمر وما بها من أحداث كشريط سينمائى وصلت فى نهايته لقناعة.. أننى ولدت مواطنا عشوائياً وسأموت مواطناً عشوائياً وما بينهما سأعيش حالة من العشوائية الدائمة التى لا نهاية لها.. مثلى مثل الملايين من أبناء هذا الوطن بمن فيهم المسئولين وعلية القوم..
مرحلة الطفولة لا تحمل الذاكرة منها إلا وجوه متجهمة خائفة.. وعبارة مكتوبة بصفة دائمة أعلى تخت الدراسة.. العصى لمن عصى..!! وانزواء البعض من حاملى حقائب من القماش الأبيض المتسخ فى نهاية الحجرة وجوههم يكسوها الشحوب والكآبة والانكسار..
وفى المنزل يجلس الأهل لساعات يستمعون لخطبة الزعيم التى كنت لا أعى منها شيئاً مع تعليقات غاضبة أحياناً.. وأخرى هامسة لأن الحوائط لها أذان..!!
سنوات لا تحمل من الذكريات السعيدة بقدر ما تحمل من ذكريات مؤلمة.. من عصا المعلمة التى قلما تفارق يدها إلى تعليقاتها القاسية المتهكمة.. حصة التربية الزراعية لم نتعلم فيها غرس نبته وعشق اللون الأخضر.. التربية الرياضية أغلبها فى كيفية جمع القمامة والأوراق الملقاة بفناء المدرسة كعقابٍ لم يوظف حتى كإعداد نفسى لتعليمنا النظافة والمحافظة على المكان.. حصة الموسيقى لم نتعلم العزف أو تذوق الموسيقى.. الأهل لا يملون من تكرار النصائح لنا بعدم المعارضه للمعلمين والامتثال والطاعة (أحسن يسقطوك)..!!
الدراسة بالمرحلة المتوسطة بدأت بزى رمادى كئيب وغطاء للرأس (كاب) مع استمرار الإحساس بعدم الراحة والكراهية للمدرسة.. كان الدين سواء فى المدرسة أو فى المنزل عبارة عن تلقين وتخويف وترهيب، فهذا حلال وهذا حرام، وأن الله والملائكة يراقبونك ليلاً ونهاراً.. والخوف دائما لا يولد إلا الضعفاء والنفوس المهزوزة المهترئة..
الثانوية مدرسة عسكرية ويستمر الزى الرمادى الكئيب والطوابير والزحف على الأرض والأوامر الجوفاء.. وقت ضائع وجهد بلا طائل.
بدأت الدراسة فى كلية الطب وبدأنا دروس التشريح العملية بدون أن نرى لنا معلماًً والقسم يمتلئ بهم وتولى الشرح وتشريح الجثث زملاء لنا.. وكان عاديا أن أحداً لم يعترض.. تربينا على عدم الاعتراض وتقبل كل الأوضاع وكان العديد من الأساتذه يفتقدون لموهبة الشرح وكنا لا نفهم منهم شيئاً..!!
ومضت السنوات فى هذه الكلية المجهدة والحال كما هو فقلة الضمير لها كلمة والتغيب المستمر لبعض الأساتذة وإرسالهم معيدين للتدريس لنا ممن ينقصهم الخبرة والعلم والجو العام الذى نعيشه كطلابٍ مريضاً إلى حد بعيد..
ومن المفارقة أن زملاءنا بكلية الهندسة كان حالهم كحالنا وكانت هذه الأوضاع تتطلب ممن يريد الاجتهاد أن يبذل جهوداً مضاعفة..
عليك بالاجتهاد الشخصى الذى يصل إلى حد الاستجداء وصغار الأطباء يعانون أشد المعاناة من التعامل مع الأساتذة الذى برع بعضهم فى تحويل فئة من البشر قدر الله لهم التفوق إلى أناسٍ كارهين لأنفسهم ولغيرهم، وذلك بسبب ما تعرضوا له هم أيضا ممن سبقهم!!! وهكذا يدور الأمر فى حلقة مفرغة أصبحت كأنها جينات تورث من جيل إلى جيل.. جينات الكراهية والبخل فى العطاء وعشق المصلحة الشخصية!!
إن الأمل فى جيل يعرف حقوقه ويعرف كيف يطالب بها ويضحى من أجل الحصول عليها.. جيل يستطيع أن يعبر عن رأيه بشجاعة.. جيل يعرف دينه عن حق.. جيل يعرف معنى العطاء لمجتمعه ولوطنه.. إن هذا الجيل واجب علينا أن نرعاه ونشجعه لا أن نمتهن كرامته ونقوم بسحله واعتقاله.. ونتجاوز هذا لنجد من يطالب باغتياله ومنعه من التعبير عن رأيه.. أرفعوا أيديكم عنهم.. فطيور الظلام وإن كثرت فلن تحجب ضوء الشمس الساطع!!.






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة