ماذا بعد؟ هذا هو السؤال الذى لم يجب عليه الإخوان أو الأحزاب التى استقبلتهم فى الجولة الأولى للجماعة للحوار مع الأحزاب، فبعض الأطراف اعتبرت أن حملة طرق الأبواب التى قامت بها قيادات الإخوان زيارة وانتهت ولا ينتظرون منها جديدا، وهو ما حدث، ومنها من يعتبر أن المناقشات مع الأحزاب الأربعة تحتاج تقييما ومراجعة للتفكير فى: كيف يتم العمل لتنفيذ ما اتفقوا فيه؟
لكن الأهم من كل هذا هو تعليق معظم القضايا وعدم الإجابة عن الإشكاليات التى تشغل الرأى العام والشارع السياسى، وهو ما كشف عنه قيادات حزب الوفد خلال لقائهم مع الإخوان، ومنهم من يعتبر أنه لا حاجة للحوار، طالما أن هناك اتفاقا فى عدد من القضايا الكبيرة، كرفض مد العمل بقانون الطوارئ أو إلغاء المحاكم الاستثنائية أو ضرورة إجراء تعديلات دستورية، خاصة ما يتعلق بالمواد 76و77و88، كما نقلت الأمين العام لحزب الجبهة فى تبريرها موقف حزبها من تأجيل زيارة الإخوان للجبهة.
"كل يغنى على ليلاه"، هذا هو العنوان الذى يمكن أن يصف الموقف بين الإخوان والأحزاب حاليا، فالجماعة لها أهداف ظاهرة من حواراتها، وهى القضايا العامة كتعديلات الدستور وقانونين جديدين لمباشرة الحقوق السياسية والأحزاب، بجانب وقف العمل بقانون الطوارئ، وغير هذا من قضايا الاتفاق والداعية للتضامن والتعاون بين الأحزاب.
إلا أن من قابلوا قيادات الجماعة شككوا فى الأهداف الظاهرة، ويعتقدون أن هناك أهدافا خفية مازالت الجماعة لم تفصح عنها بعد، مثلما يقول أحمد عودة سكرتير مساعد الحزب" الهدف الأساسى الذى تسعى من أجلة إثبات أنها ليست جماعة محظورة"، ومع اعتراف عودة بالمساحة الكبيرة بينهم وبين الإخوان من اتفاق، إلا أنه لا يغفل عدم رغبة حزبه الإخلال بالتزاماته مع أحزاب الائتلاف وعدم إجراء أى اتفاقات ثنائية بدون موافقة الآخرين، لكن الوفد كما قال محمد سرحان نائب رئيس الحزب" الوفد لن يتعاون إلا مع أحزاب شرعية وإن كان يقبل الزيارات المتبادلة أو الحوار العام".
حزب العربى الناصرى موقفه كما نقله أحمد حسن الأمين العام، يدور حول الفوائد التى يجنيها الحزب من هذه اللقاءات، معتبرا أن ما طرحه الإخوان فى لقائهم لا يزيد عن كونه اتفاقا على مفاهيم وأطر عامة لا ترقى للمصالحة ولا التحالف، قائلا" الناصرى والإخوان ليسوا على خط ولا اتفاق واحد فيما يتعلق بالمستقبل، سواء العلاقة السياسية ولا التنمية ولا الاقتصاد، والرؤية السياسية للعلاقة بين المجتمع خاصة المرأة والأقباط، وشكل الدولة"، ومع هذا لا ينفى حسن أن تكون الظروف ملائمة للتحرك المشترك، لكن على أسس حقيقية وليس على شعارات الجميع يرفعها.
بينما حزب التجمع أصبح الوضع فيه أكثر تعقيدا، بعد أن أعلن نبيل زكى المتحدث الرسمى باسم الحزب أنه لا فائدة من إكمال الحوار مع الإخوان، ومبرره أنهم غير متفائلين بعد تأكيد قيادات الجماعة موقفهم من بعض المبادئ السياسية مثل موقفهم من المواطن وحق المرأة فى الولاية.
فإذا كانت هذه هى نتيجة أول جولة، فماذا ينتظر الإخوان من الأحزاب، وهل يصل الإخوان لهدفهم من حملة المصالحة والحوار؟ هنا يؤكد د.عصام العريان المتحدث الإعلامى للجماعة أن أجندتهم مازال عليها كثير من الأحزاب والقوى السياسية التى لم يلتقوا بها، ومنها الجبهة الذى تأجل لقاؤه ولم يلغُ، وكذلك حزب الغد "جناح أيمن نور"، والاشتراكيين الثوريين وكفاية وحزب العمل وكذلك البرادعى، فاللقاءات الأولى يتم تقييمها مع وجود اتفاق الجميع على لا الإخوان ولا أى من الأحزاب يستطيع أن يخرج بمصر من مأزقها منفردا أو يعمل فى الساحة وحيدا.
وحول ما إن كان هناك ضبابية أو مواقف غامضة للجماعة وعدم الرد على بعض التساؤلات كولاية المرأة والمواطنة والخلط بين العمل الدعوى والسياسي، أكد العريان أن الإخوان لهم موقف محدد وليس جديدا قد يكون ليس مصدر ترحيب من الآخرين، وهو ما يعتبره العريان ميزة وفائدة للتعددية وليس عيبا، ولكن الأهم حسب رأيه هو اتفاقهم على القضايا الهامة التى تقود الإصلاح وتهيئ المناخ للديمقراطية.
د.رفعت السعيد رئيس حزب التجمع قال "لا تنسيق ولا تحالف ولا مصالحة مع الإخوان"، وهو ما اعتبره العريان رسالة من السعيد لجهات أخرى خارج الحزب، مدللا على ذلك بأن هناك اتجاها وفريقا داخل التجمع يؤيد استمرار الحوار، ومنهم أنيس البياع نائب رئيس الحزب الذى أعلن تجميد عضويته ردا على موقف السعيد.
بينما يرى د.رفعت سيد أحمد مدير مركز يافا للدراسات أن عدم غلق الأحزاب الباب أمام مبادرة الإخوان يدل على أن الجماعة حققت هدفها الأول، وأثبتت أن لها قبولا من الجميع ولها شرعية شعبية إن لم تكن لها شرعية قانونية، بجانب أن هذه الجولة أظهرت للجميع قدرة الجماعة على الحياة، حيث قادت تفاعلا مع الحراك السياسى فى ظل غياب ثلث أعضاء مكتب الإرشاد، بجانب مكسبها للشو الإعلامى أمام الرأى العام.
د.عمرو الشوبكى الخبير السياسى فى مركز الأهرام للدراسات السياسية، يقرأ اللقاءات المتسارعة بين الإخوان والأحزاب بأنها محاولة لإذابة الجليد فى العلاقة التى وصلت لحلقة مفرغة، معتبرا أن الإخوان يريدون اختيار موطئ قدم فى الانتخابات المقبلة، رغم اعترافه بأنه لن يتم الاتفاق الفكرى بينهما، ولن يزيد الأمر عن كونه ترتيبات يراها مشروعة لتيار سياسى مقهور من النظام لانتخابات برلمانية مقبلة، ومحاولة للتغطية السياسية، نافيا أن يصل الأمر لحالة التنسيق الكامل، بل قد يسفر عن تفاهمات فردية فى بعض الدوائر المحدودة.
معيار النجاح والفشل إذن مختلف بين جميع الأطراف، حتى داخل الإخوان أنفسهم، فدكتور جمال حشمت عضو مجلس شورى الجماعة يعتبر أن المعيار هو تنفيذ ما تم الاتفاق عليه من جدول أعمال، والتراجع عنه يعتبر فشلا، إلا أن د. محمد مرسى المتحدث الإعلامى يرفض أن يتحدث عن المستقبل حاليا، مضيفا أن المعيار هو التكتل فى ظل وجود ظروف وحراك سياسى لخدمة المطالب الوطنية، فيما يرى ممدوح قناوى أن المعيار أن يتم الاتفاق على قرار واحد فى حالة عدم تعطيل العمل بقانون الطوارئ فى وقت الانتخابات على المقاطعة والانسحاب.
بعد انتهاء الجولة الأولى من حوار الإخوان والأحزاب.. الجميع يتفق على عناوين الإصلاح.. والجماعة تخطط لزيارة "الغد" و"العمل" والبرادعى.. والتجمع يصف الحوار بـ"زيارة وانتهت"
الجمعة، 23 أبريل 2010 08:32 م
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة