«المناضل الموسمى» أو «المناضل على ما تفرج» هو أبرز نماذج الابتزاز السياسى فى مصر، ستجده موجودا بكثرة بين أعضاء الحركات السياسية، خاصة تلك التى تظهر فجأة وتنتهى فجأة. أو تلك التى لا تعلم من أين جاءت. وأغلب هذه الحركات التى بالطبع تضم الكثير من المتمتعين بحسن النية الوطنية، يكون أبرز عناصرها من هؤلاء.
والمناضلون على ما تفرج هم هؤلاء الذين يظهرون فجأة قبل الانتخابات أو أى مناسبة سياسية أخرى، ويبدأون فى ممارسة النشاط السياسى المعارض بأشكاله التقليدية، التظاهر، رفع اللافتات، إصدار البيانات، وانضم للقائمة مؤخرا إنشاء جروبات على الفيس بوك.
دون ذكر أسماء فتش عن هؤلاء الذين تنقلوا من حركة سياسية إلى أخرى وكلما ظهرت واحدة انضموا لها أيا كان موقفها السياسى، لكن الظرف يحكم. يكفى أن يخرج شخص ببيان على النت، ليعلن عن تأسيس حركة ديمقراطية، يصبح بعدها زعيما أو على الأقل ناشطا سياسيا، فالأمر فى غاية السهولة.
نوع الابتزاز الذى يلجأ إليه هؤلاء خلال مواسم الحراك السياسى، يعتمد دائما على اكتساب أى منفعة من أى نوع. وهؤلاء لهم فى الابتزاز منافع متنوعة، أهمها الحصول على مكاسب من المنظمات الأجنبية الحقوقية المهتمة بالديمقراطية، حيث يمكنهم من خلال هذه المنظمات الحصول على دعم مالى فى صورة «منحة» للقيام بأنشطة ذات طابع ديمقراطى، أو حتى المشاركة فى الدورات التدريبية أو المؤتمرات التى تنظمها تلك المنظمات خارج مصر.
وفى بعض الأحيان يكون المكسب أبسط من ذلك، وهو تحقيق الشهرة بالظهور على شاشات الفضائيات أو صفحات الجرائد من خلال ادعاء البطولة، لدرجة أن بعض المعارضين يفتعلون الصدامات مع رجال الشرطة، ليتم القبض عليهم، ويظهرون هم فى صورة الأبطال.
لكن للأسف الحكومة أيضا تستغل هؤلاء لتحقيق مصالحها، وتزداد أهميتهم بالنسبة لها خلال الفترة الحالية. فانتخابات الشورى والشعب والرئاسة على الأبواب، والضغط يزداد على النظام من بين صفوف المعارضة، خاصة الحركات السياسية، للمطالبة بضمان نزاهة الانتخابات، أو حتى القيام برصد الانتهاكات التى ترتكب فى حق المعارضين. فى الماضى كانت الحكومة تنكل بمعارضيها، أما الآن خاصة فى ظل اهتمام العالم بحالة الحراك السياسى فى مصر. فيكون أمامها حل بسيط للقضاء على الحركات السياسية المطالبة بالديمقراطية، باستخدام «المناضلين على ما تفرج» لشق صفوف المعارضة وبث الانقسامات بين أعضائها.
فنموذج المناضل الموسمى خطر على الحركات السياسية -وإن كانت حسنة النية- لأن هؤلاء سرعان ما يتسببون فى انقسامها والقضاء عليها.
الابتزاز فى صفوف الحركات السياسية لا يقتصر على أفراد بعينهم، لكن فى بعض الأحيان تظهر حركات بأكملها بغرض الابتزاز السياسى واستغلال الظروف.
ومنذ الحراك السياسى الذى شهدته مصر عام 2004، على يد الحركات السياسية الجريئة التى خرجت تطالب بالديمقراطية، حتى الآن ظهرت عشرات الحركات السياسية المعارضة، مثلما كان بينها حركات حسنة النية مثل كفاية أو الجمعية الوطنية للتغيير، ظهرت بينها حركات أخرى لم يكن لها هدف سوى الحصول على مصالح شخصية للمنتسبين إليها تحت شعار المطالبة بالديمقراطية.
الحركات السياسية مثلما بدأت تكثف من نشاطها مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية والرئاسية، وارتفعت أكثر الأصوات المطالبة بالديمقراطية، عليها أن تنقى صفوفها من المنتفعين والانتهازيين والمناضلين على ما تفرج، لأن هؤلاء قادرون على تدمير أى عمل وطنى ناجح إذا لم يتم رصدهم والتعامل معهم بحسم.
الحركات السياسية..«مناضلون» يظهرون فى مواسم «الحراك السياسى».. بعضهم يبحث
الجمعة، 23 أبريل 2010 12:54 ص