خالد ادريس

التحريص و«المحرصين»

الجمعة، 23 أبريل 2010 12:53 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الحرص فى مصر أصبح سلوك الكثيرين، الكل بيحرّص من الكل على طريقة حرّص ولا تخوّنش، والكل أيضاً بيحرّص على الكل بطريقة اتمسكن لحد ما تتمكن، زاد «المحرّصين» بصورة غير مسبوقة. أكثر الناس حرصا هم «المحرّصين» على الكراسى، الذى يجلس على الكرسى يشعر أنه صنع له ومن أجله ولا يريد أن يفرط فيه، ربما نسى أنه لو دام لغيره ما وصل إليه، والأرجح أنه لايريد أن يتذكر ولا أن يذكره أحد، المهم أنه يجلس عليه اليوم وهو على استعداد لأن يفعل أى شىء من أجل أن يظل جالسا عليه، فـ «المحرّصين» على الكراسى فى مصر عددهم كبير لا يمكن حصره، والتحريص لايستهدف كراسى بعينها، بل الكراسى بجميع أنواعها الخشبية الفخمة والخرزان وحتى كراسى الحمام، الجالسون لا ينهضون ولا يريدون، هم فقط فى الصورة، لا وجود للصف التانى، لا نواب.. لا زعامات.. الكل يسمع ويطيع، لا فكر.. لا اقتراحات، القرار من أعلى لأسفل، الطاعة العمياء هى السبيل للاحتفاظ بالكرسى، فالكرسى له بريق.. له رونق.. له حصانة، الكرسى سره باتع، فالكرسى الأبيض ينفع فى اليوم الأسود، وهناك «المحرّصين» على جمع الأموال والثروات بشتى الطرق، نسبة كبيرة من هؤلاء المحرّصين يرتشون، ونسبة ليست قليلة ينافقون.. يحملون الحقائب.. يمسحون الأجواخ، و«المحرّصين» بشدة يبيعون ضمائرهم، يبيعون أعراضهم.. شرفهم.. لحمهم، يتاجرون فى كل شىء، لا عيب.. لا حرام.. لا خجل.. لا حياء، انقلبت الموازين.. انعكست الأوضاع، الجنيه أصبح سيدا يخضع له الجميع، أصبح لكل شىء ثمن، الفلوس هى القوة.. هى النفوذ.. هى السطوة.. هى السلطة، الفلوس تمسح الماضى المسىء.. تغسل التاريخ القذر.. تشترى حاضراً ناصع البياض.. تؤمّن المستقبل.. تصنع النجوم.. تخلق الشهرة. وهناك التحريص السياسى ويضم فئة ليست قليلة، «المحرّصين» على العمل السياسى يحرصون على البقاء فى دائرة الضوء، يمشون على الأحبال والأسلاك.. يدربون القرود.. يلعبون على كل الأوتار.. يصافحون كل الأيادى، يبرعون فى الصفقات.. يرقصون على تصفيق المخدوعين، يتلاعبون بأحلام الغلابة، يقولون ما لا يفعلون ثم يصدقون، يتقمصون دور المناضلين ورسل السياسة ويتبعهم الضالون، يحسبهم الناس صادقون من التكلف والتظاهر بالتعفف، يجيدون فن المقاولة ويتبعون تعليمات أمن الدولة، يتمسحون فى أضرحة السلطة كما يتمسح الصوفية بأضرحة الأولياء، يقدمون فروض الولاء.. يذبحون الذبائح.. يختلقون الفضائح.. يعرفون أصول اللعبة.. يدركون أن السياسة لعبة قذرة، يحركون شفاهم ولا يقرأون الفاتحة.. يطيلون فى السجود.. ينقضون العهود.. يخلفون الوعود.. «المحرّصين» فى مصر تجمعهم صفات عديدة ربما أقربها وأهمها أنهم جميعا يتنازلون.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة