مصر أصبح اسمها اليوم: يونس نوح فرج عبد الخالق.
مصر الشعبية أقصد.
مصر الرسمية صارت حوتا ضخما مفترسا.
بعد أن التهم كل شىء.
لم يجد غير أبنائه يبتلعهم.
من استطاع الهروب من بطنه أثناء نوبة من نوبات تثاؤباته الليلية كان محظوظا.
بالتأكيد، أمه كانت تدعو له آناء الليل وأطراف النهار بالفرج.
نفر من هؤلاء الذين هربوا أعادوا بناء سفينة نوح.
لكن طبعا بما يتناسب مع التطوّر العلمى التكنولوجى المناسب لبلد متخلف يستفيد من المُنجز الشمالى المتقدّم.
ولما كانت سفينة واحدة لا تكفى العدد الهائل من شباب ما بعد العشرين، ابتنوا فى كل بقعة ساحلية سفينة.
طبعا فى أمكنة لا تطولها أبصار الحرس الحكومى الساهر، غير الكاظم لحقده اللاسببى.
امتطاها اليونسيّّون المنسيّون واختبئوا بجوفها مُبحرين لبلاد الفرج.
وطبعا كان لابد من تقديم قربانا للبحر.
البحر مثل البشر.
مثل الحيوان.
يجوع كل يوم.
وطبعا اليونسيّون كُرماء كعادتهم الأزليّة .
وبدلا من تقديم سفينة واحدة قربانا .
اتفقوا على تنفيذ الشريعة .
رُبع العُشر .
رُبع عُشر السفن تركوها تغرق فى جوف البحر فداء لما تبقّى من سفن .
ووصل اليونسيّون .
وصلوا إلى أرض الفرج .
استقبلتهم ثقافيا بطلع ليل الجنوب علينا من ثنيّات بثينه وعزّه وليلى ونعيمه وعزيزه وشفيقه الصعيدية .
وبعد انتهاء التهانى والتبريكات .
استقبلتهم سياسيا بإعانات البطالة المقدّرة باليورو المُشتهى .
وارتضوا أن يكونوا عبيدا لخالقى الحضارات الحديثة .
وتُوته . تُوته . تُوته .
لم تخلص الحدوته
ولن تنتهى
وطبعا كل من خرج سيعود
لا . ليس كل من خرج
بعضهم سيعود
الروح القبائلية لم تكمل رحيلها من الروح بعد.
لن يستمعوا للنصيحة الفيلمية للسينمائى محمد خان : خرج ولم يعد .
لكنهم طبعا سيستمعون جيدا لصدر صوفيا لورين وعينيها العاملة بحق العودة لقريتها التى لم تستطع الأقمار الصناعية العثور عليها .
عادت بعد عشرين عاما لتنتقم من أنتونى كوين الذى استغفر ربه وتاب وأناب وركع ركعتين لله عز وجلّ فى فيلم (عمر المختار) .
وبعدما شُنق على أيدى الطلاينة .
عادت روحه إلى زُورباها بجزيرة اليونان .
فكرة العودة لم تعد فكرة ذهنية .
بل فكرة غريزية .
الاشتراكيّون اُبعدوا عن السلطة .
وسيعودون .
ليس إلى السلطة فحسب .
بل إلى المشاعة الأولى حيث ينعم الجميع بالخيرات والخيارات المتاحة .
محمد رسول الله خرج مستجيرا بالمدينة، ثم عاد لموطنه: قريش .
العائلة المقدسة خرجت من فلسطين لمصر، لا لتعود فحسب إلى موطنها، بل ليصبح العالم بيتا لها ولرسائلها .
وهكذا أيضا صار محمد ورسالته المقدسة .
من خرج سيعود .
لكن ...
أسيعود بالمحبة ؟
أم بالحقد ؟
أم بكليهما ؟
لست أدرى
لست أدرى بصوت مخلوط من حليم وعبد الوهاب هو اللاحل المناسب المؤقت إلى حين ظهور من يدرى بطلوع الفجر علينا من ثنيّات الكفاح.