نشرت الأستاذة سهام الباشا بجريدة اليوم السابع السبت الماضى الملامح العامة لمشروع قانون من 89 مادة لتأسيس نقابة للإعلاميين فى مصر، وهو المشروع الذى تقدم به إلى مجلس الشعب النائب هشام مصطفى خليل، نائب دائرة قصر النيل التى يقع فيها مبنى اتحاد الإذاعة والتليفزيون، وأصل المشروع هو توجيه من السيد وزير الإعلام إلى السيد اللواء أحمد أنيس بتشكيل مجموعة عمل لإنجاز مشروع قانون، لتأسيس نقابة للمهن الإعلامية، وقد سارع اللواء بإنجاز المهمة من خلال القانونيين باتحاد الإذاعة والتليفزيون، فجاء مشروع القانون بطعم القرار الوزارى واللائحة الإدارية، وأقل ما يوصف به هذا المشروع "حسبما نشر" بأنه خارج التاريخ.. فهو يتعارض مع المفاهيم المستقرة بشأن إنشاء الكيانات النقابية ويتناقض مع التعريف العلمى لفكرة النقابة، كونها تنظيما شعبيا ديمقراطيا لأصحاب المهنة الواحدة تكون مهمته الدفاع عن مصالحهم وتطوير أدواتهم المهنية، وذلك دون أدنى تدخل إدارى.. وهو التعريف الذى ورد بالاتفاقيات الدولية المتعاقبة وخاصة اتفاقية منظمة العمل الدولية 87 لسنة 48 التى صدقت عليها مصر، وصارت واجبة النفاذ شأنها شأن القانون الوطنى، هذا فضلا عن مخالفة ذلك المشروع فى طريقة صدوره لما ورد بالدستور المصرى م 56 من أن "إنشاء النقابات والاتحادات على أساس ديمقراطى حق يكفله القانون وتكون لها الشخصية الاعتبارية، وينظم القانون مساهمة النقابات والاتحادات فى تنفيذ الخطط والبرامج الاجتماعية، وفى رفع مستوى الكفاية بين أعضائها وحماية أموالها، وهى ملزمة بمساءلة أعضائها عن سلوكهم فى ممارسة نشاطهم وفق مواثيق شرف أخلاقية، وبالدفاع عن الحقوق والحريات المقررة قانوناً لأعضائها"، وهو ما استقرت عليه أحكام المحكمة الدستورية العليا فى العديد من أحكامها.. ويكفى أن يعرف سيادة الوزير بأن مصر على القائمة السوداء للدول التى لا تحترم الاتفاقات الدولية للحريات النقابية، وهو الأمر الذى يواجه ممثل الحكومة المصرية سنويا بحرج بالغ لا يقابله إلا بوعود لا تنفذ!.
وإنشاء نقابة للمهن الإعلامية هو حلم طالما ناضل العديد من الإعلاميين فى سبيل تحقيقه وعلى رأسهم الأستاذ السيد الغضبان والإعلامى المناضل شفيع شلبى، فكيف لوزير أن يستولى عليه ويخضعه للتأميم من جانب وزارته، رغم تعارض المصالح بين الإعلاميين والوزارة والإدارات المختلفة فى الأجهزة الإعلامية سواء الرسمية أو الخاصة.
كيف يتم تكرار سيناريوهات الخمسينات والستينات فى تأميم العمل النقابى وتحويله إلى مكاتب إدارية تابعة للدولة مثل نقابة المهندسين التى يشرف على شئونها السيد وزير الرى!! ونقابة الصحفيين التى تشترط لعضويتها الانضمام للاتحاد الاشتراكى وموافقة وزير الإرشاد القومى!!
وبطبيعة الحال ففى حالة تأميم النقابات تتركز أهم السلطات فى يد السيد الوزير وحسب ما نشر باليوم السابع فقد منح المشروع المقترح لوزير الإعلام اختصاصات واسعة منها الحق فى دعوة الجمعية العمومية لانتخاب النقيب وأعضاء المجلس خلال 15 يوما من تاريخ انقضاء مدة عمل مجلس النقابة، بل ويجوز عقد عمومية غير عادية بناء على طلب وزير الإعلام، وذلك للنظر فى سحب الثقة من النقيب أو أى عضو فى المجلس أو للنظر فى الموضوعات التى يتضمنها طلب انعقاد العمومية غير العادية.
كما منحت المادة الـ 24 لوزير الإعلام أو لمائة عضو على الأقل ممن حضروا اجتماع الجمعية العمومية الطعن أمام محكمة القضاء الإدارى فى قراراتها أو فى صحة انعقادها أو فى انتخاب النقيب أو أعضاء المجلس أو عزلهم خلال 15 يوماً من تاريخ انعقاد الجمعية العمومية.والمدهش هو النص على وجوب أن يكون النقيب والوكيلين من العاملين بالجهات الرسمية وألا يقل السن عن 40 سنة !! ومنح الوزير تلك الصلاحيات ووضع القيود على العاملين خارج الأجهزة الرسمية يؤدى إلى فقدان هذا الكيان لمسمى النقابة طبقا لمفهومها الصحيح، بل ويتعارض مع المنطق السليم لقياس الأمور ويصطدم بمخالفات دستورية صارخة لمبادئ المساواة والحق فى التجمع السلمى والحق فى إنشاء النقابات.. إلخ، فمصدر شرعية أى نقابة مستمدة فقط من جمعيتها العمومية وأى تشريع ينظم شئون أعضاء الجمعية الجمعية العمومية لا يجب أن يهبط عليهم من أعلى، بل يجب أن يكون نابعا من حيث أصحاب المصلحة المخاطبون بأحكامه، فما مصلحة الوزير واللواء فى إنشاء نقابة لمظاليم الإعلام ؟؟!! إلا لاحتوائهم ووضعهم داخل سجن وزارة الإعلام، الأمر الذى يلقى بمسئولية كبيرة على القيادات الحية من الإعلاميين نحو حشد وتعبئة العاملين بالمهن الإعلامية لمقاومة محاولات السعى لتنظيم أنفسهم وفرض نقابتهم وسن قانونها طبقا للدستور والمواثيق الدولية ودون وصاية دفاعا عن مصالحهم المشروعه وحقوقهم المهدرة.
مدير مؤسسة الهلالى للحريات
سيد فتحى يكتب: نقابة الوزير واللواء ومظاليم الإعلام
الخميس، 22 أبريل 2010 10:31 م