على الرغم من أن مصر وتركيا لم تستغلا قمة الأمن النووى التى عقدت فى واشنطن فى 12 و13 إبريل لمهاجمة النووى الإسرائيلى، فهل يعنى هذا أنهما قد تخلا عن هذا الهدف؟ ربما لا، كما ترى صحيفة "جيروزاليم بوست" فى نسختها الفرنسية، والتى خلصت إلى أن هجومهما على النووى الإسرائيلى يمثل "درع واقى" يأتى فى إطار تطبيقهما لاستراتيجية أخرى تهدف فى الأساس إلى مهاجمة النووى الإيرانى بشكل غير مباشر، نظرا لأن امتلاك طهران لهذا السلاح هو مصدر القلق الرئيسى لهما لأنه يشكل تهديدا لطوحاتهما فى الهيمنة الإقليمية.
تقول الصحيفة إنه على الرغم من أن المفردات المستخدمة من قبل البلدين فى الهجوم على النووى الإسرائيلى قد تكون متشابهة، إلا أن المنطق القائم وراء كلمات كل منهما مختلف للغاية.
فمصر تملك أجندتها الخاصة المتعلقة بالنووى، وقد احتجت بالفعل فيما مضى ضد المفاعل النووى الإسرائيلى، حيث أن "التهديد النووى الإسرائيلى" يمثل أحد الموضوعات المتكررة فى الصحافة المصرية. ومن ثم فهو أمر ليس بالجديد. وعلى الرغم من التحسن الأخير فى علاقاتها مع طهران، فإن ارتياب مصر (ومعها الرياض وعمان) لا يزال يتجه أكثر نحو النووى الإيرانى أكثر منه نحو مفاعل ديمونة الإسرائيلى. خاصة وأن امتلاك إيران للسلاح النووى من شأنه تهديد دور مصر باعتبارها رائدة فى المنطقة ووسيط مؤثر.
ومن ثم، ووفقا للصحيفة، تمثل إيران بالنسبة لمصر غريما يتعين مراقبته، لأنه إذا امتلك السلاح النووى، لن يكون بالتالى أمام مصر خيار آخر سوى الانسحاب من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (ومعها السعودية)، فضلا عن أن سباق التسلح النووى فى الشرق الأوسط سيصل إلى ذروته.
ومع ذلك، كما تشير الصحيفة، لا يتشارك الشارع المصرى مع رأى الحكومة المصرية فى هذه المسألة. حيث أنه لا يرى أن النظام الإسلامى الإيرانى يشكل خطرا على أمنه. والدليل على ذلك أن زعيم حزب الله حسن نصر الله قد اختير خلال حرب لبنان الثانية باعتباره "شخصية العام" فى مصر، وجاء فى المركز الثانى الرئيس الإيرانى محمود أحمدى نجاد. وهو ما ليس بغريب، بحسب ما ترى الصحيفة، إذ أن هذا الأخير ينظر إليه باعتباره بطل الكفاح ضد القهر الغربى، والرجل الذى يملك الشجاعة ليقول "لا".
أما بالنسبة لتركيا، فعلى الرغم من أن رئيس الوزراء التركى رجب طيب أردوجان مدفوع بطموحه ليصبح لاعبا مؤثرا فى الشرق الأوسط، إلا أن ذلك لا يشكل كل شىء. فتركيا، على عكس مصر، لديها حدود مع إيران ومصالح مادية بها.. مما يدفعها للسعى دائما بالظهور فى صورة "صديقة الجميع"، فهى تدعو فى يوم إلى "شرق أوسط خالى من الأسلحة النووية"، وفى اليوم الذى يليه تقول أنه لا يوجد دليل حقيقى على أن إيران تصنع أسلحة نووية.
ولكن فى الوقت نفسه، تظل تركيا يقظة جدا لما يحدث على حدودها. إذ أن وجود إيران نووية، وبالتالى قوية، أمر يدمر طموحاتها فى الشرق الأوسط. وبالتالى فقد ناقض الرئيس التركى عبد الله جول موقف أردوجان عندما صرح فى وقت سابق من هذا العام خلال اجتماعه مع ديبلوماسيين أمريكيين قائلا : "إننى على اقتناع بأن هدف إيران النهائى هو الحصول على سلاح نووى لأنه أداة للفخر الوطنى".
وتخلص الصحيفة إلى أنه إذا كانت مصر وتركيا تتشاركان فى نفس القناعة، ألا وهى أن السباق النووى الإيرانى يشكل خطرا حقيقيا على أحلامهما فى الهيمنة الإقليمية، لماذا إذا تفضل كل منهما التلويح بالخطر النووى الإسرائيلى؟ هذه هى بالضبط الاستراتيجية التى اختارت مصر وتركيا تطبيقها فى التعامل مع المشكلة الإيرانية : استخدام إسرائيل كـ"درع واقى من الصواعق"، أى مهاجمة النووى الإيرانى من وراء الهجوم ضد النووى الإسرائيلى.
"جيروزاليم بوست": مصر وتركيا تهاجمان النووى الإيرانى من وراء مهاجمتهما لإسرائيل
الخميس، 22 أبريل 2010 04:12 م