د. أشرف بلبع

مخاوف الأقباط وضعف النظام

الأربعاء، 21 أبريل 2010 07:59 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
عندما يقوم نظام ديمقراطى قوى على حكم الدولة المدنية يترسخ معنى المواطنة وتزول المخاوف لدى كل طوائف الشعب.

عندما يضعف النظام يمكن تشخيص ذلك من خلال ما يظهر من أعراض، نرصد جميعا كمواطنين خوفا بالغا من الديمقراطية الحقة وإصرارا مبالغا فيه على ديمقراطية صورية يحرم الشعب بسببها من حقة فى الاختيار الحر بين بدائل وجب لاكتمالها أن تتعدى مجرد الوطنى والإخوان فقط، نرى نظاما يختار أن يحرم المصريين الأقباط من حقوق لهم على خلفية من ضعفة وخوفه من مجرد الشك أن هذا قد يثير إحساس الكتلة الأكبر من المسلمين، يقبل هذا النظام أن تتشارك معه الكنيسة فى القيادة بزعامة سياسية للأقباط كثمن يدفعة لعدم إنصافهم، يلقى النظام اللوم ظلما وبهتانا فى هذا على الشعب على أساس أن أغلبيته ستختار الإخوان المسلمين عند إجراء أول انتخابات نزيهة ويتعامى عن حرمان المصريين من أى بدائل أخرى، إن هذا الافتراض المغرض ليس بصحيح والإخوان يتمتعون فعلا بتأييد شريحة واحدة من المصريين وليس الجميع بأتباع لجماعة الإخوان المسلمين.

كان من تبعات الديمقراطية الصورية أن خنقت الحركة السياسية الفعلية بمنع التكوين الحر للأحزاب بعد تنصيب الحزب الوطنى ولجنته لشئون الأحزاب أوصياء على ذلك كما منعت الحركة السياسية وسط الجماهير لأى تيار عدا حزب السلطة الحاكم. رفضت جماعة الإخوان المسلمين الانصياع لهذا المنع إنطلاقا من شعبيتها التى يعمل لها النظام حسابا فأصبح اسمهم المحظورة بالرغم من تواجدهم العلنى تماما أمام كل من يرى ويسمع وهذا عرض آخر لضعف النظام.

إستأسد هذا النظام على كل تيار آخر يريد أن يقدم نفسه فى ظل الشرعية الكاملة فكبل الحركة وخنق كل فرصة لتتقدم هذه التيارات من خلالها إلى الشعب ببرامجها وكوادرها، روج النظام لفزاعة الإخوان التى أسس لتواجدها بهذة الصورة وأصبحت حجته المزيفة والمفضلة لحرمان المصريين من الديمقراطية التى يستحقونها ولاكتساب تأييد الكنيسة صاحبة الزعامة السياسية المسكوت عنها من نظام ضعيف غير عادل وأيضا لتبرير تعسفه أمام العالم الحر. بهذا تتضح أسباب بقاء هذة الفزاعة وضمان النظام لبقائها باستماتة.

القصة كلها تحمل معانى الانتهازية السياسية من أجل بقاء النظام وعدم تداول السلطة إلا من خلال المشيئة الرئاسية كتوريث عائلى مباشر أو مؤسسى غير مباشر، الجميع مظلوم فى هذا الوضع الذى تم ترتيب كل عناصره خارج أى سياق طبيعى والمستفيد الوحيد هو النظام.

يستمد نظام الحكم الرشيد قوته من شرعية غير مطعون فيها فى ظل ديمقراطية شفافة منزهة عن أى تلاعب مباشر أو غير مباشر بالانتخابات، نعلم كشعب بشهادات أكثر من أن تحصى أن الانتخابات يتم التلاعب بها بكل الطرق وقد صدمنى هذا عند ترشحى سابقا لانتخابات مجلس الشعب، لا يمثل ما سبق إلا طعنا فى الشرعية وما نتيجته إلا ضعفا، يستمد نظام الحكم قوته من رضاء الشعب عن أحواله، والحقيقة على أرض الواقع يعلمها الجميع، المحصلة أن ضعف النظام يجعلة مستميتا فى التمسك بهذا الوضع الغير ديمقراطى الذى يهدف أنصار التغيير إلى التخلص منة حيث تسمح المعادلة الشفافة ساعتها بمكاسب مستحقة للجميع.

ترتكز المعادلة الشفافة تحت مظلة عقد مجتمعى بأن الدين لله والوطن للجميع حيث يتمتع الكل بحقوق المواطنة المتساوية على عناصر ثلاثة، الأول حرية تكوين الأحزاب الغير دينية أو طائفية والثانى حرية حركة هذة الأحزاب وسط الجماهير والثالث صندوق انتخابات نزيه يحدد من الفائز، تسمح هذه المعادلة بانخراط كل أطراف المجتمع فى عملية سياسية واحدة هدفها الارتقاء بالوطن الواحد لا يهمش فيها لا أقباط ولا المرأة ولا النخبة المثقفة ولا الإخوان المعتدلين القابلين بالدولة المدنية وبإحقاق كامل لمبدأ المواطنة، الجميع يسعى لعرض برامجه وكوادره وينتظر بكل احترام صندوق الانتخاب النزيه فى ظل نظام القائمة النسبية التى يحاربها النظام ليحدد له هذا الصندوق ما يستحقه من شعبية، يومها سنرى شخصيات سياسية عديدة تملأ حياتنا من كل الفئات المهمشة السابق الإشارة إليها فلا يتم اللجوء لتدابير ظاهرها الحق ولكن يراد بها الباطل ككوتة المرأة.

إن المخاوف القبطية من استبدال النظام الحالى سلميا بنظام ديمقراطى تكون نتيجته تولى الإخوان للسلطة وإقامة الدولة الدينية هى مخاوف تغذيها السلطة من أجل البقاء بل وتستميت من أجل التعمية على أصول هذه المخاوف، ليس كل أتباع الإخوان بمتشددين فالأغلبية دائما فى كل عدد وسطية منفتحة وليس كل الأقباط ممن يعلون مبدأ الدين للة والوطن للجميع فالبعض يختار الانغلاق وعدم قبول الآخرولكن يبقى المبدأ واحد وهو أن الأغلبية وسطية وهى التى ستشارك فى الدفع نحو ديمقراطية حقيقية تمكن من إقرار المواطنة الكاملة بفهم واع للهدف وبدون خوف، عندها سنرى نشطاء من كل الخلفيات السياسية والدينية والاجتماعية يتحركون بحرية وقوة كل يسعى لنيل نصيب حزبة المستحق من الشعبية فى ظل القائمة النسبية لا فرق بين مصرى مسلم ومسيحى أو رجل أو امرأة، الجميع يسعى من أجل ترتيب شفاف للمعادلة التى تحكم الوطن الواحد.

فلنشارك جميعا فى المطالبة بحكم ديمقراطى قوى على رأس دولة مدنية أركانها كاملة يتمتع فيها كل منا بحقوق المواطنة الحقة التى تزيل كل المخاوف.

* أستاذ بطب القاهرة .






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة