◄◄ اليمن والجزائر وليبيا تطالب بأن يكون الأمين العام للجامعة من خارج مصر.. ووليد المعلم: مصر وسوريا تسعيان للمصالحة
«خطاب الوداع» هكذا وصف الجميع كلمة عمرو موسى، الأمين العام لجامعة الدول العربية، أمام القمة العربية الـ22 التى انعقدت خلال الأيام الثلاثة الماضية بمدينة سرت الليبية، بعد تأكيده على أن السنوات العشر الماضية والتى قضاها فى خدمة العمل العربى المشترك كافية، وأن العام القادم والذى ستنتهى فيه ولايته الثانية لرئاسة الجامعة، سيكون نهاية تواجده كأمين عام بين القادة العرب. وقرر موسى بحسب مصادر دبلوماسية بعد أن وصل إلى حالة من اليأس مما وصل إليه العرب من انقسام أن يقدم للعرب فرصة أخيرة فى صورة مقترح متكامل حول العمل الشعبى المشترك، هذا المقترح الذى ظل يعمل عليه الأمين العام فتره طويلة، وتحديدا بعد أن قرر أن تكون هذه الدورة هى الأخيرة بالنسبة له فى الجامعة العربية.
موسى الذى بدأ فى كلمته وفى تحركاته داخل أروقة القمة يائسا من تحقيق نجاح عربى جديد بعد حالة الانقسام التى أصابت الجدار العربى، بدأ فى طرح فكرة جديدة لعلها تخرج العرب من انقسامهم إلى التفكير فى المستقبل، وهى إقامة منطقة جوار عربى تضم تركيا وإيران وأريتريا وإثيوبيا والسنغال وغينيا ومالى والنيجر وتشاد فى رابطة إقليمية مع جامعة الدول العربية، على أن تبدأ الدعوة بتركيا لتشكيل النواة الأولى لهذا التجمع، لكن مقترح موسى لم يلق قبولا من كل الدول العربية، خاصة من مصر التى طلبت بعض التفسيرات.
أحمد أبوالغيط، وزير الخارجية، قال «إن مقترح موسى بإقامة منطقة جوار عربى جدير بالدراسة ويجب أن يدرس بعناية وننظر فى كيفية تنفيذه بشكل يربط العالم العربى بهذه القوى الإسلامية»، مؤكدا أن مصر ترى قوى الجوار العربى بأنها دول ذات أهمية سواء من أريتريا فى الشرق وصولا إلى غينيا فى الغرب، معتبرا فى الوقت ذاته أن دعوة الأمين العام للجامعة العربية لإطلاق حوار عربى إيرانى للنظر فى معالجة القضايا العالقة بين الجانب العربى والإيرانى، هى مسألة يجب أن تكون لها أسس واضحة ومفاهيم.
الخلاف العربى على موضوع الجوار لم يكن هو الوحيد فى القمة، فقد اصطدمت مقترحات موسى بتطوير العمل العربى المشترك من خلال جامعة الدول العربية بمقترح يمنى قدمه الرئيس على عبدالله صالح بإنشاء اتحاد عربى على غرار الاتحاد الأوروبى، وهو ما اعتبر محاولة للالتفاف على رفض مصر وعدد كبير من الدول العربية لمقترح سابق بتدوير منصب الأمين العام لجامعة الدول العربية، فالمقترح اليمنى الذى حظى بتأييد ليبى جزائرى ورفض مصرى، أصاب أفكار موسى فى مقتل، فهو كان يتحدث عن التطوير فى حين يبحث الآخرون عن نسف المشروع القائم والبحث عن مشروع بديل.
الخلاف الآخر الذى ظهر فى القمة هو الذى بدأ فى اجتماعات وزراء الخارجية العرب يوم الخميس الماضى للاتفاق على القرارات التى تم رفعها للقادة العرب، وتفجرت قضية أخذت كل الأنظار التى كانت موجهة فى البداية إلى فلسطين والقدس وما يحدث فيها من اعتداءات إسرائيلية متكررة.. القضية متعلقة بموقف الدول العربية من استضافة العراق للقمة العربية المقبلة.. بعد أن تنازلت العراق عن حقها فى استضافة القمة الحالية لليبيا.. خلاف كبير نشب بين وزراء الخارجية العرب بين وجهتى نظر، الأولى تؤيد أحقية العراق فى استضافة القمة لعدة أسباب منها التأكيد على أن العراق هو جزء هام من العالم العربى، وأن العرب لن يتركوا العراق فريسة لجيرانه خاصة إيران.. أما وجهة النظر الثانية فأصرت على موقفها بأن الموافقة على عقد القمة فى العراق هو اعتراف بشرعية الاحتلال الأمريكى هناك، وبالحكومة التى تشكلت فى ظله.. وما بين وجهتى النظر تعددت الشائعات والأطروحات.. شائعات تسربت داخل أروقة القمة بأن هوشيار زيبارى، وزير خارجية العراق، تلقى اتصالا هاتفيا من رئيس وزرائه نورى المالكى أثناء حضور زيبارى لاجتماع وزراء الخارجية العرب يوم الخميس بالعودة إلى بغداد، والانسحاب من القمة احتجاجا على موقف الجانب الليبى المعارض لاستضافة العراق للقمة، ولكون ليبيا استقبلت منذ أيام وفدا من البعثيين العراقيين.
أما أقوى الأطروحات التى تم تناولها للخروج من هذا المأزق فهى أن تحتفظ العراق برئاسة القمة المقبلة على أن تعقد فى مصر باعتبارها دولة المقر لجامعة الدول العربية، وهو الطرح الذى أبدت مصر على لسان السفير حسام زكى، أنها موافقة عليه حال توافقت جميع الدول العربية على ذلك.
الخلاف الليبى العراقى لم يكن وليد الاجتماعات وإنما امتد لما قبلها وفقا لما قاله لليوم السابع لبيد عباوى وكيل وزارة الخارجية العراقية بأن المشكلة فى الجانب الليبى الذى يتخذ مواقف سلبية من العراق على الرغم من التطورات الإيجابية التى حدثت على مدار السنوات الأخيرة، موضحا أن هذه التطورات لم تنعكس على الموقف الليبى، مشيرا إلى أنهم يحاولون إطلاع المسئولين هنا على حقيقة ما يجرى فى العراق وضرورة أن يواكبوا هذه التطورات.
رغم السخونة التى شهدها النقاش داخل الاجتماعات التحضيرية للقمة إلا أن من حضروا هذه الاجتماعات سواء من دبلوماسيين أو من تابعها من إعلاميين نحوا هذه الخلافات جانبا وظلوا فى انتظار كلمة القائد الليبى معمر القذافى فى افتتاح القمة السبت الماضى، ولكن خابت كل الظنون بعد أن جاءت الكلمة هادئة، حيث بدأ القذافى كلمته بسرد جزء من تاريخ مدينة سرت منذ أن كانت محلا للصراع بين الحضارتين الفينيقية والإغريقية، مذكرا الرؤساء والملوك ورؤساء الوفود العربية فى القمة بأن سرت التى تقع فى قلب العالم العربى، هى مسقط رأسه.وداعب القذافى الشيخ حمد بن خليفة آل ثانى رئيس القمة الماضية فى كلمته الافتتاحية القصيرة بقوله « ليس هناك شىء أستطيع أن أحاسب به الشيخ حمد على القمة الماضية، لأننا لم نعطه صلاحية وليس من حقنا أن نحاسبه.. لكن على كل حال هو ملء الفراغ من القمة الماضية إلى القمة الحالية.. وأنا سأكون مثله تقريبا، لكنه كان أحسن منى فى ملء الفراغ لأسباب».
جزء كبير من حديث القادة العرب على ضرورة إتمام المصالحة العربية كان مركزا على مصر بسبب الخلاف فى وجهات النظر بينها وبين دول سوريا وقطر والجزائر، كل منهم لسبب.
وليد المعلم، وزير خارجية سوريا، الذى تحولت مصافحة وزير الخارجية أحمد أبوالغيط له أثناء مشاركتهم فى اجتماعات وزراء الخارجية العرب إلى حديث القمة، قال لـ «اليوم السابع»: «إن العلاقات الاقتصادية بين مصر وسوريا طيبة للغاية، وأيضا العلاقات الثقافية، وتعمل على خدمة الشعبين، لكن هناك خلافات سياسية نأمل فى المستقبل أن نسعى لحلها».
المعلم أكد أن المبادرة التى طرحتها بلاده لإدارة الخلافات العربية العربية من الممكن أن تتمكن من إنجاز ملف المصالحات العربية.
على الجانب الآخر وصف مراد مدلسى، وزير خارجية الجزائر، العلاقات المصرية الجزائرية بأنها أقدم مما يتصور أى إنسان، داعياً إلى تجاوز الخلافات ما بين الدولتين.