يقول الصحابى الجليل أبو ذر الغفارى "عجبت لمن لم يجد قوت يومه كيف لا يخرج على الناس شاهرا سيفه"، فالحديث عن الفساد زاد كثيرا وكل دول العالم تشكو منه لكن دون فائدة مرجوة.
(كلما ازداد الفقر زاد الجوع لتثور الشعوب، وكلما ازداد الغنى زاد الفساد لتنهار القيم والأخلاق، وبالتالى سقوط الدولة فى كلتا الحالتين).
فقد ظلت وستظل الرشوة عنوان الفساد الأكبر فى كل بلاد العالم، فمنذ أمد طويل كانت الرشوة سياسة المستعمرين الأجانب واليوم سياسة الحكام المستبدين الطامعين فى الاستمرارية.
ومنذ أيام الدولة العثمانية حيث كان السلطان يمنح الأراضى الواسعة عليها وما عليها لبعض القادة الطامحين ليكونوا أداته فى فرض هيبة السلطنة، وفى أيام الاستعمار الغربى كانوا يلجأون أيضا إلى العطايا والهبات العينية والمادية من أجل كسب بعض الناس ليكونوا مفاتيح لهم، واليوم استمر الوضع على نفس الأسلوب والمنطق، لكنه أخذ طريق الرشوة المباشرة، فالغاية لم تتغير الأسلوب والأفراد وحدهم الذين تغيروا ومن الخطأ الظن أن الرشاوى تقتصر على مجال معين فقط بل إنها امتدت كل المجالات، فالاستعمار أو العالم الجديد كما يقولون يدرك بدقة أن طريق السيطرة السياسية لا يكون إلا بالسيطرة الاقتصادية والفكرية ومن أجل هذا اتسع مجال الرشاوى وشمل أناسا كثيرين وبنسب مختلفة.
لقد أظهرت الفضائح المتتالية فى الولايات المتحدة ذلك فمعظم الشركات كانت تقع تحت دائرة وجهات سياسية وأمنية عليا، والسؤال: لماذا لا تعلن الحقائق كاملة بالنسبة للشرق الأوسط ولماذا لم تلجأ الحكومات إلى معرفة حالات الثراء التى هبطت على أشخاص دون وجه حق.
وأعتقد ضرورة مطالبة البنوك الدولية وكل الجهات المانحة بعدم تقديم أية قروض ومساعدات ومنح قبل الكشف عن حسابات كبار المسئولين فى البنوك والعمل على سحب هذه الأموال والأرصدة وإعادتها لأصحابها الحقيقيين سواء للمواطن المستهدف من القرض أو إعادتها للدول المانحة لأن شعوبها أحق بها.
ويعتقد منذ مدة طويلة أن الشركات النفطية هى المعنى الأول بالرشاوى وأكبر الحالات الظاهرة للعيان اليوم . وعلى سبيل المثال أصبحت شركات النفط الأجنبية هى من تحدد وزيرها للنفط فكلما كانت الشركة هى الأكبر إنتاجا والأكثر عطايا وهبات للمسئولين كلما كانت كلمتها مسموعة ويحق لها المشاركة باختيار وزيرا للنفط.
فموظف دخل وزارة ما ولا يملك شيئا ويخرج بعد كم سنة من الوزارة ورصيده فى البنوك بالملايين أليس هذا فساداً وإرهابًا بحق الأمة عندما يترك العامة فى خانة الفقر فهل هنالك فرق بين الإرهاب والفساد. الإرهاب هو ضرب لمصالح الدول الفاسدة أخلاقيًا- سياسياً دينيًا –اقتصاديًا .
الفساد هو عندما يستحوذ ناس بعينهم على مقدرات البلد ولا يستطيع القانون أن يمنع ويقف ضد هذا الفاسد، بالتالى يولد امتعاض لدى العامة من الشعب من العاطلين وقليلى الدخل وإلخ كيف لأناس لهم نفس الحقوق والواجبات يتحصلون على كل شىء والبقية لا حق لهم بالعيش بكرامة فى وطنهم ثم ما هو المفهوم الحقيقى للإرهاب هل عندما يدافع الفلسطينى عن أرضه وعرضه ويقاوم بكل الوسائل المتاحة يعد عملهم إرهابًا فالمفاهيم تعددت وتشعبت وأصبحت كل دولة تحدد مفهومها للإرهاب حسبما ترى مصالحها . فالمواطن يسعى للحصول على حقوقه كاملة من وظيفة وعيش كريم (منزل – صحة – تعليم الخ).
فإن لم يحصل عليها هل يوجب السكوت والصمت أم يسعى لتغيير حاله وعندما لايسمع له أحدا ولا تلتفت له الحكومة ماذا عليه أن يفعل هل ينتحر بصمت وبهدوء أم يصرخ بأعلى صوته لعل الحكام المستبدين لا يسمعون إلا الصوت المدوى.
يا عالم اصحوا لا يوجد شىء اسمه إرهاب إنما يوجد فاسدون يأكلون حقوق الآخرين ويطلب منه السكوت والصبر فى حين أن هنالك أناس يتحصلون على كل شىء، ألا يدفع ذلك للتمرد.
فكيف السبيل للحكومات حماية نفسها ؟ ولماذا أصلاً لم تشرع الحكومات قوانين تحارب مظاهر الرشوة والفساد عموما . وهل صحيح أن المنطقة بعيدة عما يجرى فى العالم وأن الأمور بخير ومسيطر عليها وهل المنطقة العربية تعمل بمنأى عن العالم أم أن المصالح كلها مشتركة ومترابطة لابد من وقفة جادة فليس من المعقول أن الأمور بخير فهل من الضرورة أن نضحك على أنفسنا قبل أن يضحك الآخرون علينا فالظاهر أننا لم نعتبر من دروس التاريخ فنحن دول مهزومة سياسيًا منذ عقود طوال وحتى اقتصاديًا يضحك علينا فهم يعمدون لإثراء المنطقة وينفخون بالون التنمية إلى أن ينفجر هذا البالون ليصبح كل شىء رماد كأن لم يكن أبراج وناطحات سحاب ومدن عملاقة فارغة وخاوية.
يتحدث العالم عن الإرهاب ويتناسى الجميع الإرهاب الحقيقى أن "الفساد" السبب الرئيسى فى حدوث الأزمة العالمية الحالية. فالفساد أيضًا يعد إرهابا بحق الشعوب الفقيرة عندما يتحصل فاسد على كل مقدرات البلد.
*عدن/ اليمن
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة