هناك يوم عالمى للمرأة.. ويوم عالمى للبيئة.. ومؤخراً عاصرنا يوم الصحة العالمى.. والدعوة التى شنتها منظمة الصحة العالمية.. ((1000 مدينة .. 1000 حياة)).. ولا شك أنها دعوة حضارية قيمة.. تشجع على زيادة الوعى الصحى والبيئى.. والعمل تعزيز الأنشطة الصحية بمختلف مستوياتها فى كل مدينة على مستوى العالم.. وذلك بغرض تدارك الأزمات والكوارث الإنسانية التى أصبحت تقع على فترات زمنية متقاربة.. سواء نتيجة أفعال الطبيعة.. أو نتيجة أفعال الإنسان.
وعلى ذكرى الأزمات والكوارث.. يحضرنى الآن بعضاً منها التى تعرض لها المجتمع المصرى: زيادة الفجوة بين الدخول.. التباعد الطبقى بين الأغنياء والفقراء.. عدم كفاية دخل (الموظف.. الطبيب.. المهندس.. الأستاذ الجامعى.. وغيره) لسد متطلبات الحياة اليومية.. وهو ما يشير إلى دخول فئات لم تكن متواجدة من قبل إلى مفهوم الاحتياج.. أو الفقر بمعدله البسيط أو المتوسط.. هذا علاوة على تزايد أعداد من هم تحت خط فقر والعوز.. وتزايد قاطنى العشش والمناطق العشوائية المحرومة من أهم الخدمات على مستويات كثيرة.. وهو ما دفع الكثيرين للتفكير فى الهجرة خارج البلاد.. بعضهم نجح.. وبعضهم فشل.. بل انتهت حياتهم بالغرق فى عرض البحر مع سيناريو غرق العبارات السائد.
وتعكس كثير من البرامج هذه الصورة.. صورة الناس التى تشكو من الغلاء.. والقيام بما عليهم من مطالب يومية وتوفير الحياة الكريمة لأبنائهم.. صورة الناس التى تشكو من النظام وصعوبة الحصول على الخدمات.. صحية.. تعليمية.. تموينية غذائية.. بيئية.. وغيرها من الخدمات الضرورية ليعيشوا حياة كريمة.
أصبحنا نسمع كثيرا عبارة "مما تشكوا الآن" أو "أنت متضايق من أيه".. وكأن المجتمع المصرى أصبح مريض كثير العلل.. وكأننا أصبحنا فى حاجة شديدة الى طبيب ماهر "فائق المهارة" لمعالجة آفات وآهات المصريين..
ونسطتيع أن نلمح بوضوح.. حجم البؤس الإنكسار على وجوه المصريين.. المصرى (فئات معينة) المنشغل بهم كيفية جلب رغيف العيش.. كم أصبح سعر كيلو اللحم.. هل سيستطيع تسديد مصاريف الدراسة للأولاد.. ناهيك عن ما يطلبه المدرس الخصوصي.. والابن الذى انهى تعليمه ومازال عاطل لا يعمل.. وعندما يتزوج يعتمد على والديه لسداد ما عليه من مطالب للزواج.. مما يزيد العبء والهم على والديه.. وهو ما يؤدى إلى زيادة الوجوه البائسة والعابسة التى تظل تفكر فى سئوال "كيف على القيام بكل هذه المطالب؟".. كيف أؤدى رسالتى بكرامة دون ذل أو مهانة؟"..
وبالرغم من ما يشتهر به المصرى من خفة الظل والفهلوة.. وأنه ابن نكتة.. حتى وهو فى عز الأزمة.. إلا أنه أصبح كثير الشكوى والهم فى ظل ما يعاصره من تحديات واردة من الخارج.. ولكنه لا يدركها..
ولذا.. اتمنى أن الاتجاهات العالمية تهتم بتحديد يوم عالمى للفرح.. للسعادة.. قد يتراءى للبعض أن هذا كلام يدعوا للسخرية أو الضحك.. ولكن بالتأكيد أنه لدينا العديد من الجوانب الإيجابية النابعة من ذواتنا.. وإذا لم يكن لدينا.. فلنحاول أن يكون لدينا.. فلنحاول تكوين مخزون من الرؤى الإيجابية المفرحة.. بجانب ما لدينا من مخزون للرؤى السلبية الجالبة للهم والغم.
* دكتوراة فى الآداب
د. نهلة درويش تكتب: نحتاج يوم عالمى للفرح والسعادة.. أيضاً
الأحد، 18 أبريل 2010 09:33 ص