أحمد رجب

الجبرتى 2010

الأحد، 18 أبريل 2010 07:40 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
"اشتد الكرب وضاق خناق الناس وتعطلت أسبابهم ووقع الصياح فى أطراف الحارات من الحراميـة والسـراق والمناسر نهارًا والأغا والوالى والمحتسب مقيمون بالقلعة لا يجسرون على النزول منها إلى المدينة وتوقع كل الناس نهب البلد من أوباشها"، الجبرتى، الجزء الأول 42-131.

......فى سنة 2010.... صباح أحد أيام شهر أبريل، وجدت الجبرتى وقد عاد يكتب قائلا:.... "اشتد الكرب، وضاق خناق الناس، وتعطلت أسبابهم، وسيطر الحرامية والسراق والمناسر على أطراف الحارات، فى امبابة وعين شمس، والخانكة، وحلوان، والعياط، والقناطر، والعشرات من الأحياء بما فيها الطريق الدائرى الذى يربط عاصمة البلاد، وأصبح المرء لا يأمن على نفسه ، والحرة تخشى السير ليلا بسبب كثرة الأوباش الخطافين، والوالى ومحتسب الداخلية مقيمون فى مبانيهم المحصنة بعدما تغير الحال وتركوا القلعة، وعاث السراق فى الأرض فسادا، ورأيت خدمة مستحدثة لدى قومى الجدد وهى ما يسمونه هاتف يمكن المرء من مناداة صاحب الشرطة إذا ما وقعت واقعة ، وهى خدمة لا ضرورة لها لأن صاحب الشرطة فى العادة لا يحضر إلا بعد وقوع الخراب، والناس فى البلاد يشرعون لقوانين عدة لكن أى منها لا ينفذ، وتقترب منهم أعوام المجاعة بسبب شح مياه النيل، ومع ذلك تراهم ينثرون الماء ليل نهار أمام الدكاكين، والمساجد بلا وازع من ضمير أو أخلاق لتلطيف حر الصيف رغم أنه لم يأت بعد".

يضيف الجبرتى فى تأريخه لشهر أبريل من سنة 2010 ميلادية: ."الناس فى البلاد لا يحترمون القانون لأن القائمين عليه لا يحترمونه أيضا، وتراهم ممثلين فى ولاة بعد تقسيم جديد للبلاد يطلق عليهم رؤساء أحياء، وترى الواحد من هؤلاء مخادع يحلف الأيمان الكاذبة، ظالم لاعهد له ولا ذمة يضمر السوء ويستخدم العسف والجور فى نفس الوقت الذى يعد فيه بالعدل، لايخفف من عسفه وظلمه واستبداده استجداء شيخ أو طفل أو امرأة".

ما أشبه الليلة بالبارحة إذ يشير الجبرتى الذى عاد بعد نحو قرون ثلاثة ليجد معظم الشرر الذى حذر منه سابقا عاد بوجه جديد، فيقول... "إن الحملة الفرنسية حرضت على أفكار تنتمى إلى الماسونية، إنها آلة صيد بيد اليهود، يصرعون بها كبار الساسة، ويخدعون الأمم الغافلة والشعوب الجاهلة. الماسونية خطر كامن وراء الرموز والألفاظ والطلاسم، وخنجر غمده اليهود فى قلب الشعوب، وأقاموا لها عدواً من داخلها وعلة من وسطها. الماسونية عقرب لدغ الشعوب قروناً، متجلياً رداء الحرية والمساواة والإخاء(1)، وبينما كان تزعم الحملة الفرنسية للفكر الماسونى واضحاً منذ بدايتهم وحاولوا فرض العادات الخبيثة التى استهجنها المسلمون فى مصر كالبغاء والسفور وتشجيع النساء من الحرافيش ونساء الهوى على ارتكاب المحرمات بشكل علنى واضح، حيث يعد هذا الأمر من بين أساليب انتشار الماسونية (2)، فإن الجديد الذى أراه انتشار ما يسمى بالجمعيات الأهلية، ومعظمها يروج لنفس الأفكار التى رفضها المصريون منذ ما يزيد على قرنين من الزمان، ويقيمون مشروعات ظاهرها خير وباطنها يروج لأفعال الماسون، وتتفشى الفوضى فى البلاد، ولا يمكن للولاة أو المحتسبين القيام على أمر الرعية، أو علاج مواطن الفساد المستشرى فى فئة ضلت طريقها وتتلقى يوميا أموالا من أوروبا وجهات أجنبية لمشروعاتها الخبيثة".

يقول الجبرتي... "إن قومى الجدد لديهم صحفا تنتشر كانتشار النار فى الهشيم، وصندوقا يسمى التلفاز، واستخدموا الفضاء لبث صورهم وأصواتهم عبر هذا الصندوق، وتراهم فى كل لحظة من لحظات اليوم متى أردت، لكنى لم أجد علما نفعا، ولا هبَة وطنية صادقة تدفع أذى الفرنجة عن بلادنا، وبلاد الشام احتل اليهود أجزاء كبيرة منها فى فلسطين وسورية، وأصبح اليهود أصدقاء لقومي، إن شعب مصر سيطر عليه اليأس ودفع ثمناً باهظاً يفوق حجم كل اصلاح بعد تحطيم هويته الحضارية، لقد اختفت المحافل الماسونية التى أقيمت قبل عشرات السنين فى مصر والشام، وسائر المحيط العربي، لكنها عادت متخفية تلبس أقنعة متعددة، لقد آن الأوان للناس أن يدركوا حجم أخطارها، ويستعيدوا بأيديهم ما فقدناه من وجهنا الحضاري".

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- حقيقة الماسونية لمحمد على الزعبي، ص70
2- عجائب الآثار (3/161(





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة