عقلى لغوى، أى يحب اللغة، ويلتقط مفرداتها ولا طبق الستالايت، ولكنه بليد فى مادة الحساب، وكأنه فرغ لتوه من وجبة فول مدمس معتبر، فكان الرسوب الحسابى بادرة تنبئ عن سقوطى فى هوة الرسوب الوظيفى فيما بعد، لذلك كنت منذ البداية أكره مادة الحساب كراهية التحريم، وبالتحديد جدول الضرب، لأنه كان يعنى بالنسبة لى أكثر من مجرد ضرب رقم فى رقم، كان يعنى بالضرورة الضرب بالخيزرانة الرنانة على فين يوجعنى، تقديراً على غبائى الحسابى الشديد، الذى لم يكن فى نظرى سوى أنى لا أملك موهبة حب جدول الضرب، وبالتالى التلذذ بحفظه، وترديده.
حصة الحساب، عندما كانت تجيء، كانت حصة سوداء بسواد السبورة، بل وأسود من قرن الخروب، وآه لو أمرنى المُعلّم أن أقف أمام السبورة، وأمسك الطباشير، لحل مسألة حسابية، غالباً ما تكون منتقاة، لتناسب حظى الأسود دائماً إلا فى البطيخ، فأجد مخى أبيضا بلون الطباشير الذى فى يدى، ولم يكن أبداً من عينة:"أبيض ياورد"، لأنه لا أمل ولا بصيص منه على الإطلاق، فى أن يحمل مع أريجه بشائر أن أكون إنسانا حسابياً، وهذا ماحدث بالفعل، فما زلت كما كنت فى المدرسة الإبتدائية، كذلك فى مدرسة الحياة الكبرى، أتنازل عن حقوقى المادية بروح المجاملة، وبلزومية"الحساب يوم الحساب"، ولا زلت فعــلاً، أعتبر أن الحساب يوم الحساب بالمفهوم الأخروى.
