تجتاح العالم العربى ثورة من الدراما التركية المدبلجة أسرت عيون المشاهدين، وأشارت مجلة "فورين بوليسى" إلى أن نجوم المسلسلات التركية الذين احتل أجدادهم الأراض العربية طوال 400 سنة يحتلون هم الآن قلوب العرب، ليفتحوا لهم بيوتهم ويتدفقوا حول شاشات التليفزيون لمشاهدة أكثر من 140 حلقة من المسلسل الواحد، وهو ما لا يحدث فى تركيا نفسها.
وتقول المجلة "لو أن السلاطين الأتراك كانوا يعلمون بهذا السبيل السهل لأرسلوا هؤلاء الشباب من الرجال والنساء الذين يتسمون بأوجه وسيمة ليحتلوا القلوب والعقول فى العالم العربى، مما يوفر لهم مبالغ طائلة من الأموال التى أنفقوها قديما".
وأضافت المجلة أن العالم العربى يستقبل هذه المسلسلات مثل البط فى المياه، فالحلقة الأخيرة من مسلسل نور حازت على إعجاب ما يقرب من 80 مليون مشاهد من المغرب حتى فلسطين، وبالنسبة للمرأة السعودية كانت المعاملة الرقيقة من بطل المسلسل "مهند" لزوجته واحدة من أقوى عناصر الجذب، ففكرة مشاهدة رجال ونساء مسلمين يتشاركون القيم والخلفية الثقافية مع الأتراك جذابة جدا، خاصة عندما تثير المواضيع المطروحة أمورا محرمة وتحديات للقيم المحافظة بالداخل.
وتابعت "المسلسلات التركية جريئة وصريحة عندما يتعلق الأمر بالمساواة بين الجنسين، وممارسة الجنس قبل الزواج والخيانة والحب العاطفى، وحتى الأطفال الذين يولدون خارج نطاق الزوجية، وأن تأتى مثل هذه المسلسلات من بلد مسلم مثل تركيا جعل من السهل اختراق الجدران السميكة من المحافظة فى العالم العربى، حيث التعصب والكراهية النساء التى يتم التنكر لهم كقضايا أخلاقية".
ونتيجة لهذه المسلسلات التى تحوز على مشاهدة الأسرة بأكملها فإن تركيا حفرت لنفسها مكانا قويا بالشارع العربى، ويتجه الآلاف الأغنياء من عرب الخليج الآن إلى تركيا فى كل مناسبة، حتى باتت أسطنبول منافسا لباريس ولندن كوجهة سياحية مفضلة، وشهدت السياحة العربية 2009 زيادة هائلة، وزادت السياحة القادمة لها من الإمارات العربية المتحدة بـ 21% ومن المغرب بنسبة 50%.
ترجح الصحيفة نجاح الدراما التركية فى العالم العربى إلى جودة الإنتاج وقصص الناس العاديين التى يتم وضعها فى أنماط حياة براقة، إضافة إلى الاستماع باللهجة السورية المستخدمة فى الدبلجة.
أداة للتغيير الاجتماعى
وترى المجلة الأمريكية أن التأثير الأوسع هو توظيف الإنتاج التليفزيونى كأداة اجتماعية فعالة فى إحداث تغيير فى التفكير وكسب ملايين القلوب والعقول.
ولا تقف حدود المسلسلات عن تقديم الرومانسية والجمال والقيم العلمانية ملفوفة تحت راية الإسلام، فهى تقدم مدلولا سياسيا مثل المسلسل الأخير "صرخة حجر" الذى يصور الحياة اليومية للفلسطينين تحت الاحتلال العسكرى الإسرائيلى، ويحفر المسلسل فى عمق الانقسام بين الفصائل الفلسطينية، ويناقش بعض القضايا المحرمة مثل القتل دفاعا عن الشرف، حتى أن المسلسل جرأ على تقديم ما لا يمكن تصوره، وهو قصة حب تجمع بيت ضابط من الشين بيت الإسرائيلى وناشطة فلسطينية جميلة.
"فورين بوليسى": الأتراك عادوا لاحتلال العرب بالمسلسلات
الجمعة، 16 أبريل 2010 05:44 م
مشهد من مسلسل نور
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة