50 مليار جنيه إنفاقًا و6 مليارات إيرادات و44 مليارًا عجزًا تم تمويله بسندات وقروض
357 مليون جنيه فواتير كهرباء ومياه وتليفون فى عام 2008/2009 لم تسددها المحافظات
تناقضات.. تسيب.. سوء تخطيط.. إنفاق عشوائى بدون ضوابط.. مشروعات خاسرة.. حسابات وصناديق خاصة، أموالها بدون ضابط ولا رابط.. هذه بعض ملامح تقرير الجهاز المركزى للمحاسبات عن وحدات الإدارة المحلية عن عام 2008/2009.
انتقد التقرير ضعف الإيرادات التى وصلت إلى 6 مليارات رغم ارتفاع الإنفاق إلى 50 مليارًا، مطالبا بترشيد الإنفاق، خصوصا من أموال الصناديق والحسابات الخاصة على التهانى والتعازى والعلاقات العامة.
كما انتقد التقرير انخفاض الصرف على البنود الهامة من الموازنة، كالصيانة والمشروعات الاستثمارية.
وطالب التقرير بتصفية كثير من المشروعات الإنتاجية الخاسرة.
وكشف التقرير السرى - الذى حصلت «اليوم السابع» على نسخة منه - أن جملة الاستخدامات بلغت 50 مليارًا و761 مليون جنيه تمثل نسبة 13%من جملة استخدامات الموازنة العامة للدولة، فيما بلغت الإيرادات المحققة 6 مليارات و700 مليون جنيه، وبلغ العجز النقدى 44 مليارًا و34 مليون جنيه، تمت تغطيتها بالاقتراض وإصدار الأذون والسندات على الخزانة العامة.
وأشار إلى تحميل الاستخدامات بمبالغ دون مبرر كان يمكن تجنبها، بلغت 25 مليونًا و403 آلاف جنيه. فمثلا تم تحميل الباب الثالث من موازنة الإدارة المحلية بـ527 ألف جنيه، قيمة فوائد القرض اليابانى الممنوح لشركة أسوان الوطنية للميكنة الزراعية، وكان يجب تحميلها للشركة المستفيدة من القرض بمحافظة أسوان.
كما تم تحميل الباب الثانى الخاص بالسلع والخدمات بـ284 ألف جنيه دون مبرر، قيمة المقابل النقدى للعاملين المنتدبين بالمشروعات الإنتاجية والشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحى، بالمخالفة للكتاب الدورى لوزير المالية الذى ينص على أن تتحمل المشروعات تكاليف العاملين المنتدبين.
كما تم تحميل استخدامات الباب الرابع الخاص بالدعم والمنح والمزايا الاجتماعية بـ68 ألف جنيه، قيمة مكافآت مستشارى محافظ الدقهلية المنتدبين من جهات حكومية.
يأتى هذا فى الوقت الذى لفت فيه الجهاز إلى ضآلة المصروف على الباب السادس الخاص بالاستثمارات الذى بلغ 5 مليارات و248 مليون جنيه بنسبة 10% من إجمالى استخدامات موازنة الإدارة المحلية، رغم أنها -كما يؤكد الجهاز- تمثل الركيزة الأساسية التى تعتمد عليها برامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
والغريب أن هناك 78 مليون جنيه تائهة بين موازنة الخزانة العامة وموازنة الإدارة المحلية عن سنة 2008/ 2009، حيث جاء بالموازنة العامة للدولة أنه تم فتح اعتماد إضافى بمليار جنيه لدعم الاستثمارات بموازنة الإدارة المحلية.
فى حين رصد الجهاز أن ما تم إدراجه بموازنة المحليات 922 مليون جنيه، ولذلك طالب الجهاز بالبحث عن سبب اختلاف الأرقام، ورصد الجهاز عدم تسديد وحدات الإدارة المحلية 357 مليونًا و722 ألف جنيه قيمة استهلاكها لمياه وكهرباء ومكالمات تليفون.
ويعطى الجهاز أهمية شديدة لعقود الأعمال والتوريدات، لأن نتائج تنفيذها يؤثر على استخدامات وإيرادات موازنة الإدارة المحلية، وسجل التقرير مخالفة العديد من وحدات الإدارة المحلية للضوابط والإجراءات التى ينظمها قانون المناقصات والمزايدات عند طرح بعض العقود أو البت فيها وترسيتها، بالإضافة إلى الخطأ عند محاسبة المقاولين والموردين، وعدم العناية لدى تسلم الأعمال والتوريدات، والتحقق من مطابقتها للمواصفات الفنية المتعاقد عليها، مما ترتب عليه صرف مبالغ دون وجه حق. كما أغفلت بعض الوحدات توقيع غرامات تأخير على بعض المقاولين، ولم تتخذ الإجراءات القانونية تجاه بعض المقاولين والموردين المتقاعسين ومطالبتهم بتعويضات وغرامات وصلت إلى 29 مليون جنيه.
ورغم ما تعانيه الموازنة من عجز سواء كانت موازنة الإدارة المحلية أو الموازنة العامة، فإن الجهاز يسجل فى تقريره أن الإنفاق فى المحليات يفتقد الترشيد ويقترب من التبذير.
وذكر التقرير أن وحدات الإدارة المحلية اشترت سلعا بقيمة 5 مليارات ونصف المليار جنيه بنسبة 17.5% من إجمالى المصروفات بزيادة 3 مليارات و89 مليون جنيه عن عام2007/2008، وهو الأمر الذى جعل الجهاز يطالب بضرورة ترشيد الإنفاق على السلع والرجوع إلى المخازن واستهالاك الموجود بها، بحيث لا يتم شراء أصناف لا تدعو إليها الضرورة، ورغم التبذير الذى رصده الجهاز فى الإنفاق على السلع، رصد الجهاز على النقيض تقطيرًا فى الإنفاق على صيانة الأصول، حيث بلغ ما تم صرفه 178 مليون جنيه بنسبة 4.0% من قيمة الأصول التى تبلغ 48 مليارًا و697 مليون جنيه. وطالب الجهاز بزيادة الاعتمادات المدرجة لبند الصيانة حتى يمكن المحافظة على الرصيد الكبير من الأصول الإنتاجية ورفع كفاءتها، مما يساعد على الحد من شراء أصول جديدة ويخفض العبء على الموازنة العامة للدولة.
يكشف التقرير ضآلة الإيرادات التى حققتها المحليات وبلغت 6 مليارات و700 مليون جنيه. وأرجع الجهاز نقص إيرادات الإدارة المحلية إلى عدة أسباب، منها عدم تحصيل المتأخرات، خاصة ضريبتى الأطيان الزراعية والعقارات المبنية، والمبالغة فى تقدير المنتظر تحصيله، بالإضافة إلى الانخفاض فى حصيلة الضرائب على الأراضى والمبانى والملاهى، بسبب قيام المحافظات بتوريد كامل الحصيلة لوزارة المالية، تفعيلا لقانون الضريبة على العقارات رقم 196 لسنة 2008 الذى ينص على توريد حصيلة المحافظات كاملة من هذه الضرائب.
ويرى الجهاز أن المحافظات تسرعت فى توريد الحصيلة، وطبقت القانون خطأ، لأن المادة الثامنة من القانون تشير إلى أن وزير المالية يصدر اللائحة التنفيذية للقانون خلال 6 أشهر من إقراره ويستمر العمل باللوائح والقرارات المعمول بها.
ومن الأسباب أيضًا التى تؤثر بالسلب على إيرادات المحليات، المشروعات الإنتاجية التى تقيمها بهدف إنتاج بعض السلع الضرورية، حيث بلغت إيراداتها 157 مليون جنيه، بانخفاض قدره 46 مليونًا عما كان مدرجا لها بالموازنة.
وكشف التقرير أن كثيرًا منها يحقق خسائر بصفة مستمرة، لذلك يطالب الجهاز بضرورة تصفيتها.
كما أشار التقرير إلى أن هناك متأخرات بلغت فى 30/6/2009 2 مليار و524 مليون جنيه، بزيادة 75 مليونًا عن العام السابق. ونبه الجهاز إلى تعرض جانب كبير من هذه الديون للسقوط بالتقادم، بسبب عدم اتخاذ الإجراءات اللازمة لتحصيلها. وأشار الجهاز إلى أن ما تم تحصيله خلال الفترة من 30/6/2008 حتى 30/6/2009 بلغ مليارًا و76 مليونًا، مما يشير إلى ضعف نسبة التحصيل وتراكم المتأخرات وتضخمها، مما يؤثر على حصيلة الإيرادات.
وانتقد الجهاز عدم وجود حافز مادى لتحفيز القائمين على التحصيل على بذل الجهد لتحصيل هذه المتأخرات، وعدم توافر وسائل المواصلات المناسبة بالمأموريات، والتى تساعد المحصلين على الانتقال لمقر الممولين لتحصيل المتأخرات.
وكشف التقرير عن جانب آخر يقلل من الإيرادات، وهو الاختلاسات التى وصلت قيمتها إلى 36 مليون جنيه فى 30/6/2009.
وذكر الجهاز الأسباب التى تؤدى إلى وقوع حالات اختلاس وتلاعب بالمال العام، ومنها ضعف نظم الرقابة الداخلية وبقاء المتحصلات النقدية طرف المحصلين مدة طويلة. وطالب الجهاز بأن يتم اختيار الأشخاص القائمين على الأعمال المالية والمخزنية من المؤهلين دراسيًا.
5400 وحدة سكنية بدون استغلال.. وصرف أكثر من 6 ملايين على التهانى والتعازى
ينص قانون الإدارة المحلية على إنشاء بعض الحسابات الخاصة بالمحافظات يتم الصرف منها على بعض الأنشطة التى تساهم فى حل مشاكل المواطنين بتلك المحافظات، بعيدًا عن اعتمادات موازنة الإدارة المحلية، وتحتفظ تلك الحسابات بأى فائض لها وتقوم بترحيله للسنة التالية.
ورصد الجهاز مخالفات وصلت قيمتها إلى 882 مليونًا و735 ألف جنيه. فمثلا فى حساب تمويل مشروعات الإسكان الاقتصادى ذكر التقرير عدم الاستفادة من 5400 وحدة سكنية تم الانتهاء من تنفيذها منذ فترات طويلة وبلغت تكلفتها 246 مليونًا و882 ألف جنيه، كان نصيب محافظة بورسعيد منها 4170 وحدة، وجنوب سيناء 996 وحدة، وأسيوط 234 وحدة، ونتيجة لذلك تم حرمان الحساب من أقساط تمليك هذه الوحدات رغم أن بناء هذه الوحدات تم تمويل جزء كبير منه بقروض.
أما سبب عدم الاستفادة من تلك الوحدات، كما ذكر الجهاز، فيرجع إلى سوء اختيار مواقع الإنشاء، وعدم ربط الوحدات بشبكات المرافق، وتنفيذ البعض منها بتكاليف مرتفعة، مما أدى إلى ارتفاع مقدمات وأقساط تمليكها وعدم إقبال المواطن عليها.
كما أشار تقرير الجهاز إلى استخدام 177 مليونًا و437 ألف جنيه من أموال الحساب فى غير أغراضه، مثل إعطاء منح وسلف لبعض الجهات يرجع تاريخ بعضها إلى عام 2002 وصرف مكافآت لغير العاملين بالحساب.
ومن المخالفات أيضًا حرمان الحساب من موارد تصل إلى 111مليونًا و798 ألف جنيه، قيمة عدم تحصيل أقساط تمليك وإيجارات وحدات سكنية، وأراض تم بيعها، أما حساب الخدمات والتنمية المحلية فقد تم صرف 6 ملايين و673 ألف جنيه على العلاقات العامة والضيافة ونشر التعازى والإعلانات والمكآفات وشراء مطبوعات وأدوات كتابية. وكشف التقرير عن عدم تحصيل 17 مليون جنيه تم منحها قروضا لبعض الجهات ولم تتم المطالبة بها، بالإضافة إلى عدم تحصيل 2مليون و600 ألف جنيه أرباح الحساب فى بعض المشروعات، ورسومًا مستحقة.
وفى حساب لجان المناطق الصناعية ذكر الجهاز أن التجاوزات وصلت إلى 11مليونًا و274 ألف جنيه طرف بعض المستثمرين تمثل قيمة أقساط بيع أراض، وفى حساب استصلاح الأراضى ذكر الجهاز أنه لم يتم تحصيل موارد للحساب- كما فى محافظة الوادى الجديد- بلغت مليون جنيه قيمة متأخرات لدى شركات وأفراد. أما بالنسبة لحساب صناديق النظافة فأشار التقرير إلى حرمان الصندوق من 57 مليونًا و859 ألف جنيه بسبب تراخى بعض المحافظات فى تحصيل رسوم النظافة المقررة على الوحدات السكنية وبعض القرى السياحية، وبلغت مخالفات حساب صندوق تحسين الخدمة بالمستشفيات نحو 23 مليونًا و967 ألف جنيه.
وينتقل تقرير الجهاز إلى الأصول المملوكة لوحدات الإدارة المحلية التى بلغت قيمتها 62 مليارًا و586 مليون جنيه تتركز معظمها فى أراض بقيمة 6 مليارات، ومعدات وأثاث مكاتب بقيمة 6 مليارات جنيه، ومبان وإنشاءات بقيمة 31 مليار جنيه، ومشروعات تحت التنفيذ بـ7مليارات. أما قيمة موجودات المخازن فبلغت 10 مليارات و623 مليون جنيه.
وذكر التقرير أن قيمة المخالفات بلغت 99 مليون جنيه. وانتقد عدم الاستفادة من بعض الإنشاءات بسبب عدم تجهيزها، واستمرار تعدى بعض المواطنين على مساحات مملوكة للدولة، دون اتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف التعديات، وعدم الاستفادة من آلات ومعدات وأجهزة وسيارات وقطع غيار موجودة بالمخازن، بسبب عدم توافر الكوادر الفنية المدربة لاستخدامها، بالإضافة إلى تكدس المخازن بالعديد من الأصناف الراكدة وكميات كبيرة من الكتب الدراسية الملغاة، وتعطل عدد كبير من السيارات والجرارات دون العمل على صيانتها.