سعيد شعيب

وفرة من الغباء السياسى

الأربعاء، 14 أبريل 2010 12:07 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أظن أنك مثلى من الصعب أن تجد سببا منطقيا لكل هذا العصف الأمنى بمظاهرة يوم 6 أبريل، فالاحتجاج سلمى، وكان أصحابه يريدون السير من ميدان التحرير حتى البرلمان ليقدموا عريضة تطالب بإلغاء قانون الطوارئ. ولم يكن أحد من الشباب، وهم من حركة 6 أبريل وحزب الجبهة وكفاية وغيرها من القوى السياسية، يحمل سلاحا، أو «سنجة»، أو أى شىء سوى لافتات، ولم ينتهكوا أى قوانين، فالتظاهر حق يكفله الدستور والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان التى وقعت عليها الدولة المصرية وأصبحت جزءا من قانونها.

لكن بدلا من أن تحميهم الشرطة، وهذا حقهم وليس منحة، «سحلتهم» فى الشوارع، وحولت ميدان التحرير والشوارع المحيطة به إلى ثكنة عسكرية.. ضرب وإهانة واستخدام عصى كهربائية واعتقال، وكأنها تريد حماية حدودنا من الأعداء!

الأمر لا يقتصر على هذه المظاهرة، التى غاب عنها نجوم المعارضة، وتحمل ويلاتها شباب متحمس، ولكنه مزاج عام لدى النخبة الحاكمة، وعقيدة لدى الأجهزة الأمنية. فهم ينتهكون القانون والدستور، ولا يسمحون تحت أى ظرف بالاحتجاجات ذات الطابع السياسى. وينظرون إلى القائمين عليها وكأنهم أعداء للبلد، تحت زعم أن هؤلاء معادون للسلطة الحاكمة، وكأنها جريمة، وأنهم يرددون شعارات تطالب بإسقاط رأس الدولة، وكأن هذا ليس مطلبا سياسيا من حق أى مواطن أن يصرخ به بأعلى صوته. إنه مزاج مستبد أدى إلى إعدام السياسة فى بلدنا، وجعلنا نعيش بين نارين، نار السلطة الحاكمة ونار جماعات، تقريبا سرية.

لقد قرأت وسمعت لكثير من قيادات الحزب الحاكم، وهم يشكون مر الشكوى من ضعف الأحزاب، وأن أجندتها عدائية وليست سياسية، رغم أنها جزء من الدولة المصرية، بحكم القانون والدستور، ويتناسون أنهم هم الذين يدفعون هذه القوى دفعا لأن تكون هكذا.. فغير مسموح لها بتنظيم أى لقاءات جماهيرية، وغير مسموح لها بالالتحام بالحركات الاحتجاجية الفئوية، وغير مسموح لها بالمشاركة بأى قدر فى إدارة البلد، أى غير مسموح لها بأى شىء، ثم يتهمونها بالضعف والعدائية.. فهل هذا منطقى؟!

طبعا غير منطقى، والذى يصر عليه من النخبة الحاكمة، هو فى الحقيقة يدفع البلد دفعا إلى الانفجار، لأنه وبتعمد يسد أفق المسارات المعلنة لتنظيم الغضب، ويدعم بتعمد المسارات السرية لجماعات لا نعرف عنها شيئا، مسارات لا يحرسها الناس ولا يحكمها القانون. إنهم يحتكرون مصلحة البلد، ويعتبرون أنفسهم الوحيدين المعبرين عنها، وهم فى الحقيقة وعلى أرض الواقع يحرسون الفوضى ويطورونها، ويدفعون الناس دفعا لأن تفعل مثلهم وتنتهك القانون، وينقلون الصراع السياسى إلى خانة العداء المميت، رغم أن هذا ليس فى مصلحتهم حتى بالمعنى البراجماتى، ولا بالطبع فى مصلحة البلد التى يزعم كثير منهم أنهم يريدون لها مستقبلا مشرقا.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة