فى ساحة ترابية فى ظل مسجد يتلو أطفال آيات قرآنية كتبت بخط اليد على ألواح من الخشب. لطالما كان الصوفيون يعارضون الإسلاميين المتشددين، لكن الوضع تغير فى السودان فى عهد الرئيس عمر البشير.
وقبل الانتخابات التعددية الأولى التى يشهدها السودان من الأحد إلى الخميس، حرص الرئيس البشير على إلقاء الخطب فى المناطق التى تنتشر فيها الطرق الصوفية وعلى امتداحها، الأمر الذى أعطى ثماره.
ويقول حافظ عوض الله، وهو يجلس تحت شجرة أمام مكتب اقتراع فى مدينة أم ضبان "كلنا سويا الآن، لم تعد هناك فروقات".
ويشكل السودان، أكبر بلد أفريقى على الإطلاق، موطنا للطرق الصوفية التى ينصرف مريدوها إلى التأمل، وهى ممارسات لطالما انتقدها الإسلاميون المتشددون.
ومن بعيد يظهر مسجد وضريح اخضر بسقفه المخروطى الشكل الفضى اللون فى وسط ام ضبان، معقل الطريقة البدرية المتفرعة عن الطريقة القادرية.
وفى الساحة الخلفية يتلو الأطفال أو "الحيران" الذين يرتدون جلابيات بيضاء آيات من القرآن مكتوبة على ألواح من الخشب بحبر اسود يصنعونه بأنفسهم.
ويقول كرار أحد ملازمى الشيخ "لدينا هنا أطفال من الكاميرون وتشاد ومن النيجر والكونغو ودارفور"، مشددا على شهرة هذه المدرسة التقليدية لتدريس القرآن أو الخلوة على بعد نحو ثلاثين كيلومترا من الخرطوم.
ويحظى الشيوخ الصوفيون فى شمال السودان بتقدير وإجلال كبيرين، حيث يتولون تنظيم حياة المجتمع ويتمتعون بنفوذ مؤثر فى قرارات مريديهم.
ويقول شاب حليق الرأس فى العشرين من عمره "منذ أن تزوجت يتملكنى خوف من كل شيء. آمل من الشيخ أن يشفيني".
ويشرح أحمد شريف الفرق بين الصوفيين والإسلاميين المتشددين بقوله إن "الصوفيين لا يهتمون بالسياسة، وإنما بالدين، فى حين يولى الإسلاميون اهتماما أكبر للسياسة".
وحل حزب الأمة التاريخى والحزب الاتحادى الديمقراطى فى المرتبتين الأولى والثانية على التوالى فى آخر انتخابات تعددية جرت فى 1986، متقدمين على الإسلاميين، لكن هؤلاء نفذوا بعد ذلك بثلاث سنوات انقلابا قاده عمر البشير فى ما عرف باسم "ثورة الإنقاذ".
وغادر قادة الحزب الاتحادى الديمقراطى البلاد اثر الانقلاب ولم يعودوا إلا قبل بضع سنوات، فى أواسط العقد الفائت.
ويوضح إدريس حسن أن "مفاهيم الإسلاميين تختلف عن الصوفيين، ولكن علاقتهم بهم هى علاقة نفعية"، مذكرا بان الرئيس السابق جعفر النميرى الذى حكم من 1969 الى 1985، ولكى يعزز أسس حكمه، "عرض مزايا مادية على شيوخ الطرق الصوفية مقابل أن يحظى بحضور وتقدير بينهم".
الرئيس السودانى عمر البشير
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة