محمد حمدى

نهاية الرأسمالية.. ومحنة السوق

الثلاثاء، 13 أبريل 2010 12:20 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
على صفحات الصحف الغربية الكبيرة، وداخل الجامعات ومراكز البحوث نقاش جاد وحاد، بدأ مع إرهاصات الأزمة المالية العالمية، حول سؤال محورى: هل انتهت الرأسمالية؟.. ومنه تفرعت أسئلة أخرى عن مدى الحاجة لنظام اقتصادى جديد؟.. ومن ثم: هل انتهى أيضا عصر السوق المفتوح دون حدود أو قيود؟

سؤال لا يزال يتردد بقوة، وتختلف الإجابات عليه، فهناك من يرى أن الرأسمالية كنظام اقتصادى قائم على حرية السوق قد تعرضت لهزيمة منكرة، عقب الانهيار الكبير الذى شهدته الأسواق العالمية منذ عام 2008، حيث أدت حرية السوق في التخلص تدريجيا من القيود، سواء فى ضمانات الإقراض، أو الرهن العقارى أو غيرها، إلى انهيار النظام الرأسمالى، مما يستدعى الحاجة للبحث عن نظام جديد فيما بعد الرأسمالية.

وشجع على هذا الاتجاه أن السياسات التحفيزية التى تم اتباعها فى معقل الرأسمالية مثل الولايات المتحدة وبريطانيا انصبت على عودة الحكومات لدعم الاقتصاد وحمايته، وتوجيهه، وهو أمر يناقض الرأسمالية ويقضى على حرية السوق، ويكاد يقترب من الاقتصاد الموجه الذى كانت تطبقه الدول الاشتراكية والشيوعية.

فى المقابل هناك اتجاه آخر، يرى أن الرأسمالية هى النظام الأمثل الذى انتجه البشر لإدارة أمورهم الاقتصادية، وهو كنظام لم يفشل، لكن الفشل هو فى من يطبقون النظام، ومن خرقوا قواعده وضوابطه، لذلك فهم ليسوا مع نهاية الرأسمالية وإنما مع إعادة ضبطها، وإصلاح مسارها.

عودة الانضباط إلى الرأسمالية تعنى ضبط الأسواق المفتوحة وليس إغلاقها، وهنا يأتى دور الحكومات التى يجب عليها القيام بالرقابة، والضبط، وفرض سلطة القانون.

هذا هو الجدل الذى يبدو فى جانب كبير منه متعلقا بالفلسفة الاقتصادية، لكنه فى معانيه البسيطة يمس حياة كل البشر، والخلاصة التى ينتهى إليها الجميع، أن البشارة التى جرى زفها إلينا بانتهاء عصر الحكومات وازدهار عصر السوق قد انتهت.

وسواء فشلت الرأسمالية أم تحتاج إلى عملية ضبط وإعادة تحديد المسار، فإن خلاصة هذا النقاش المهم، هى عودة الحكومات لممارسة صلاحيات ضبط السوق والرقابة عليها، نيابة عن مواطنيها، لأنه كما انتهت قبل سنوات الفلسفة الوجودية القائمة على الحرية المطلقة للفرد الذى يعيش لنفسه فقط، لم تعد الحرية مطلقة وإنما تخضع لضوابط المصلحة العامة، وإذا كانت الحرية المنضبطة تنشط فى ميادين السياسة فإنها يجب أن تعود إلى الأسواق، لأنه ليس مطلوبا فقط أن تتحكم فيها قواعد العرض والطلب، لأن هناك صاحب مصلحة أساسية فى هذه السوق وهو المستهلك الذى يجب الحفاظ عليه وعلى مصالحه، بحيث لا يدفع فى حالتى الازدهار والكساد الثمن بمفرده.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة