شهد اجتماع اللجنة الاقتصادية بمجلس الشورى اليوم، برئاسة الدكتور خلاف عبد الجابر أول مواجهة بين وزير المالية الدكتور بطرس غالى والنواب حول الموازنة المالية للعام القادم 2010/2011، وأكد النواب أن الموازنة ستزيد من معاناة المواطنين وعدد الفقراء واتهموا وزير المالية بأنه يعمل لصالح رجال الأعمال "لدرجة إنه بيدلعهم" والدليل رفضه فرض الضرائب تصاعدية.
وهاجم النواب تخصيص دعم للصادرات بـ4 مليارات جنيه، رغم أن الكثيرين يلجأون للتزوير والنصب للحصول عليه وهاجم النواب انخفاض الاستثمارات بالموازنة اعتمادها على المستثمر الأجنبى الذى لو مر بشارع القصر العينى وشاهد الذين يفترشون الرصيف لن يأتى أبداً.
ومن جانبه رفض الوزير فرض ضرائب تصاعدية، وقال إنه من السهل، أن أكسب شعبية بفرضها، لكن أضرارها أكثر من منافعها ولن تحقق أكثر من 700 مليون جنيه زيادة فى الحصيلة وعندما حاصره عدد من النواب بضرورة تطبيقها، رد الوزير قائلاً، "الواحد لما يبقى عنده دمل أو ورم مش بيجيب جراح ويقوله تعمل إيه، أنا بقى الجراح، وبأقول إن الضرائب التصاعدية مش هتعمل حاجة".
وقال الدكتور بطرس غالى، إنه فى الموازنة القادمة بين نارين، لأنه يهدف إلى إعادة المؤشرات المالية إلى حيز أكثر أماناً مع الحفاظ على معدلات النمو التى ستصل مع نهاية العام الحالى إلى 5.2 % ومن المرجح أن تصل العام القادم إلى 5.8%، وأضاف أن الهدف الأساسى لأى وزير مالية ليس تخفيض العجز على الإطلاق، وإنما هدفه تحقيق أعلى معدل نمو فى الاقتصاد، لافتاًً إلى أنه سعى لتحقيق ذلك من خلال برنامج تحفيز للنمو الاقتصادى على مدى الثلاث سنوات الماضية.
وتابع وزير المالية، قائلاً أنا شغلتى مش أخفض عجز الموازنة فقط، لكن أحقق أكبر عائد نمو فى ظل توازنات معقولة، وهذا الأمر بتعمله كل ربة بيت أو رب أسرة، وأضاف أن الأجور سترتفع العام القادم إلى 94.6 مليار جنيه بنسبة زيادة 7% عن موازنة 209/2010 وكذلك سيرتفع الدعم من 83.9 مليار هذا العام إلى 101.8 مليار جنيه العام القادم وسترتفع موازنة التعليم الجامعى وقبل الجامعى من 45 مليار جنيه إلى 48 مليار جنيه والصحة من 16 ملياراً إلى 19 ملياراً، وأضاف أن إجمالى الإنفاق الاجتماعى سيزداد من 165 ملياراً إلى 213 مليار جنيه ودعم المزارعين إلى 2.2 مليار جنيه ودعم تنشيط الصادرات إلى 4 مليارات ودعم الكهرباء 6 مليارات جنيه ودعم نقل الركاب 900 مليون جنيه ودعم الإنتاج الصناعى للمناطق الصناعية 400 مليون جنيه ودعم الصعيد 200 مليون جنيه، وأضاف الوزير أن الناس تنتظر الموازنة وكذلك المستثمرين الكبار لكى يروا هل سنستطيع التحكم فى المؤشرات المالية لها أم لا.
وقال يوسف بطرس غالى، إن العجز الكلى ارتفع من 98 مليار جنيه هذا العام إلى 105 مليارات جنيه الموازنة القادمة، مشيراً إلى أن كافة الموازنات التى تقدمت بها للمجالس النيابية أثبتت الحسابات الختامية لها أن رقم العجز بالموازنة لم يتغير عما جاء فى الموازنة، وقال إن التضخم سيرتفع إلى 9% والعلاوة 7%، وأضاف أن إجمالى الإيرادات فى الموازنة القادمة 2010/2011 بلغت 280 مليار جنيه، وقال إنه خلال موازنة 2014/2015 ستصل نسبة العجز لنتائج المحلى 3.3% والعجز الكلى سيصل إلى 551 مليار جنيه أى خمسة أضعاف العجز الحالى وسيعود معدل النمو إلى 8%، وأضاف أن مصر كانت ضمنت ثلاثة دول هى الصين والهند حافظت على معدل نمو موجب خلال الأزمة المالية وباقى الدول كان معدل نموها سالب، وقال "أنا عايز أحافظ على تطوير إيجابى فى عجز الموازنة وفى نفس الوقت لا أنسف معدل النمو".
وأضاف وزير المالية، أن المستثمر الأجنبى عايز يعرف إحنا ماشيين فى أى اتجاه، علشان كده هدفنا تخفيض عجز الموازنة بالنسبة للناتج القومى حتى لا نقلق المستثمر الأجنبى، لأنه لو شعر بالقلق لن يأتى ولو ما جاش لن تصل نسبة النمو إلى 5.7 وأعلن الوزير أن نسبة الدين للناتج المحلى فى عام 2004 كانت أكثر من 100% ومن سوف تصل فى الموازنة القادمة إلى أو 81%، وأضاف أن المستثمر دائماً ينظر إلى نسبة الدين للناتج القومى والعجز للناتج المحلى.
من جانبهم شن النواب هجوماً عنيفاً على الموازنة والوزير وكان أولهم النائب الدكتور رفعت السيد، حيث قال للوزير أنت قلت إنك تتعامل مع الموازنة مثل رب الأسرة يوزع دخله على أفراد أسرته، ولكن أقول لك إنك لست عادلاً فى توزيع الإيرادات على مكونات المجتمع وتابع السعيد، قائلاً إن المستثمر الأجنبى الذى يقول عليه فى تحقيق معدل نمو فى الموازنة القادمة لن يفعل شيئاً ولن يأتى لأنه لو جاء وشاهد الناس اللى نايمة فى القصر العينى وأمام مجلس الشورى مفترشة الرصيف ومعلقة البطاطين على الأسوار سوف يعرف أنه لا يوجد عدل اجتماعى فى البلد ورد الوزير، قائلاً "إحنا بناخد المستثمر على 6 أكتوبر من بره بره ومش بنخليه يعدى على القصر العينى"، وانتقد السعيد تضارب الأرقام فى معدل التضخم بس ما يعلن رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات وما تعلن وزارة المالية.
وتابع السعيد هجومه، فقال إن القطاع الخاص يحصل على 80% من إجمالى الدخل فى حين أن إجمالى ما سدده من ضرائب بلغ 29% من حصيلة الضرائب، أما ما دفعته الهيئات الاقتصادية من ضرائب تبلغ 55% فيما دفع الموظفون 16% من حصيلة الضرائب، وتساءل هل هذا عدل؟ وأضاف لا يوجد بلد رأسمالى يريد أن يحقق استقراراً لا يفرض ضرائب تصاعدية، وتابع السعيد قائلاً ممكن الوزير يرد ويقول إن الاستثمارات هتهرب ومش هتجى وأنا أقول له لأ لو أى مستثمر موجود فى شارع القصر العينى لن يشعر فرد الوزير انتوا بقيتوا فل دلوقتى وعقب السعيد، قائلاً اطلع شوف المعتصمين بره ومش ناقص إلا إحنا هنخرج ونعتصم.
وانتقدت النائبة ليلى الخواجة، انخفاض حجم الاستثمارات العامة كما انتقدت توجيه تلك الاستثمارات للبيئة الأساسية من صرف صحى ومياه، رغم إنها لم تؤد إلى أى إثر إيجابى من خلق فرص عمل ولم تنشط الطلب الإيجابى على المنتجات وطالبت الخواجة بفرض ضرائب تصاعدية، مؤكدة إن الهيكل الضريبى مختل، حيث إن الموظفين هو أكثر الناس الذين يدفعون ضرائب، وانتقدت انخفاض حصيلة ضريبة النشاط التجارى الصناعى إلى خمسة مليارات جنيه، كما أن حصيلة ضريبة النشاط المهنى غير التجارى بلغت 438 مليوناً، ورد الوزير قائلاً "أعمل إيه مع فئات زى المحامين هأضع عسكرى على كل محامى".
وتساءلت النائبة علا الحكيم عن المصروفات الأخرى بالموازنة التى تقدر بـ31 مليار جنيه، ورد عليها الوزير قائلاً "هأبقى أقولك" فيما ارتفعت حدة النقد والهجوم على لسان النائب ناجى الشهابى رئيس حزب الجيل، الذى قال إن الموازنة الجديدة سوف تزيد المعاناة لدى المواطنين وستؤدى إلى أن الفقراء فى البلد سيزدادون فقراً، وانتقد اعتماد الوزير على الاستثمارات الأجنبية، مشيراً إلى أنها لن توفر أى فرص عمل لأى مستثمر أجنبى لا يأتى بأموال وإنما يقترض من أموال المصريين بالبنوك أن هذا المجامع مستقر، وطالب السعيد ينطبق ضرائب تصاعدية لتحقيق العدل الاجتماعى، وقال إن لديه قائمة مخجلة من المواد التى تم استيرادها ضمت آيس كريم وزبادى وجمبرى واستاكوزا وفطائر وكعك وبسكويت وأمشاط و وبخوت وزوارق وعطور وكافيار ومعلبات وعسل أسود.
وتابع السعيد، قائلاً طيب بنستورد الكافيار علشان مفيش عندنا وبنستورده علشان البشوات بتوعنا، لكن مش معقول نستورد منتجات منافسة لما ننتجه مثل تكييفات وثلاجات وغسالات وخضار، وقال السعيد إن الوزير كل سنة يقول الميزان سيعتدل ومستوى المعيشة هيتحسن وهتبقوا فل ومفيش حاجة بتحصل.
ورفض الشهابى تخصيص 4 مليارات جنيه لدعم الصادرات ووصفه بأنه بوابة للسرقة والنهب، وتساءل لماذا لا أوفر هذا المبلغ للفقراء أو الموازنة العلاج على نفقة الدولة التى بلغت 1.5 مليار جنيه، وسأل الوزير "إنت واخد موقف من الضرائب التصاعدية ليه؟"، وقال موجهاً حديثه للوزير "يجب أن تفكر لصالح الفقراء وليس كما تفعل حالياً بتاخد من الفقير اللى رابط الحزام على بطنه"، وتابع قائلاً "أنت بتدلع رجال الأعمال ومفيش حد منهم قدم حاجة للبلد، والمفروض تسألهم أنتم عملتم إيه لمصر؟"، وأضاف الشهابى "أن مصر هى الدولة الوحيدة التى يدعم الفقراء فيها الأغنياء، أنا عايزاك تاخد من الأغنياء لتدعم الفقراء".
وأضاف الشهابى، أن المستفيدين من دعم الصادرات يلجأون للتحايل والنصب، وتساءل هو "إحنا بنصدر إيه هو فيه منتجات مصرية هتنافس السوق الأجنبية"، وسأل الوزير "أنت البدلة اللى لابسها مش إنتاج مصرى، ورد الوزير قائلاً "أنا لو مشيت بالفلسفة دى يبقى هنقفل البلد".
وعقب الشهابى قائلاً بدل من دعم الصادرات وجه الدعم للقطن المصرى وشغل مصانع الغزل والنسيج التى بها عمالة كثيفة ويمكن أن تساهم فى حل مشكلة البطالة. ومن جانبها أعربت النائبة الدكتورة يمنى الحماقى عن قلقها من أن النمو يعتمد أكثر على الاستهلاك، وأكدت أن الاقتصاد يجب أن يهتم بالطاقات الإنتاجية وهذا ما تنادى به التقارير الدولية ويحتاج إلى تنسيق بين وزارات المجموعة الاقتصادية وحذرت من أن تعرض الموازنة لضغوط تضخمية خاصة مع المطالب بحد أدنى للأجور.
مواجهة عنيفة بين وزير المالية ونواب الشورى حول الموازنة الجديدة.. النواب اتهموا غالى بعدم العدالة والانحياز لرجال الأعمال.. وأكدوا أن الموازنة ستزيد من عدد الفقراء
الثلاثاء، 13 أبريل 2010 05:39 م