عندما يصبح الحل الأمنى هو الفيصل فى كل قضايانا، فلا عجب أن تتحول الدولة إلى مجموعة من الدويلات داخل الدولة وأبسط الأمثلة هم البدو، فالبدو يعتمدون على تكوين قبائلى قائم على سيطرة كل قبيلة على مقدرات ما وضعت يدها عليه، ولأنها قبائل فلها ارتباط نسبى مع القبائل المجاورة فى الدول الأخرى، وهذا ملاحظ فى ارتباط بدو الغرب مع القبائل الليبية والأكثر هو ارتكاز البدو فى المناطق الغنية بمواردها كالماء والأرض الصالحة للزراعة ورعى الأغنام، وهذه هى العقيدة الأساسية لفهم البدو، فالبدوى مرتبط بوجود الماء والرعى وأينما وجدا فهذا وطنه، وهذا هو المنطق الذى يدخلنا فى فهم الطبيعة البدوية، بعيدا عن الشعارات الجوفاء المرتبطة بأشياء لا جدال فيها، فحب الوطن لا يحتاج إلى مؤتمرات وندوات بل أعمال تدل على ذلك، وعندما نتحدث عن وطنيه البدو من عدمها، فهذا هراء لأنهم فى الأساس يعيشون فى كنف دولة ذات سيادة ونظم وقوانين، واختزال المشكلة فى ذلك هو العبث بعينه فهم أولا وأخيرا مصريون.
أما المشكلة الرئيسية فهى نقص الموارد التى يعتمد عليها البدوى، وكما قلت آنفا فى ذكر المنطق الصحيح لفهم البدو فعندما نقصت هذه الموارد وزادت الأعباء لجئوا إلى طرق أخرى كتهريب البضائع ممنوعة أو غير الممنوعة بكل الأشكال وصلت فى بعض الأحيان إلى بيع أراضى الدولة على أنها أملاك خاصة حتى وصلت إلى زراعة النباتات المخدرة فى الأراضى الصحراوية فى أماكن لا يعرفها إلا البدو، ويتم اكتشافها بعد ذلك بواسطة المسح الجوى للمنطقة، وفرض إتاوات على الشركات التى تعمل فى مناطق صحراوية إلى آخر ذلك من المواقف أرجو أن نفهم المعنى، فالدولة كانت لابد أن تتدخل بعيدا عن الأمن فالحل الأمنى من المفروض أنه آخر الحلول وليس أولها فلا بد من التعامل السياسى والاجتماعى مع المشكلة وهنا يطرح سؤال آخر أين المحافظون من ذلك؟ أين الدور المنوط بالمحافظ أن يقوم به ؟ هل لا بد من أن تتدخل كل الدولة لحل مشكلة، وإلا ما هو دور المحافظون؟ وأين شيوخ القبائل من المشكلة أن تدخل الأمن المباشر مع بعض التجازوات أحدث كراهية بين البدو والأمن وتصور الأمن أنه فى منطقة محدودة الأبعاد ولم يدرك أنه فى صحراء مترامية لا يعرف دروبها إلا ساكنها، وكذلك لم يدرك الأمن أى بعد سياسى أو إستراتيجى للمشكلة فهناك على الحدود القوات الإسرائيلية المتربصة بنا ويسعدها ذلك وأحيانا، بل دائما يقفون إلى جانب البدو بهدف المصلحه ليس إلا وإلا كيف يحدث التهريب بهذه الدرجة على الحدود. ومشكلة البدو هى مشكلة عمل فى المقام الأول لماذا إذا لا نهتم بتنمية هذه المناطق بدلا من الوادى الضيق، وأرى أن سيناء تعانى النسيان والإهمال رغم الحرب التى كانت فى سبيل استردادها من المغتصب، ولكن أظن أن هذه عادة مصرية مقيتة فعندما كانت فى أيدى الإسرائيليين استنفدوا منها كثيرا، وعندما عادت لنا لم نستغلها إلا سياحة فقط رغم ما بها من ثروات وخامات غنية تنتظر من يخرجها.
حمى الله مصر
• معيد بمركز بحوث وتطوير الفلزات.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة