واقعه حدثت الأسبوع قبل الماضى وكنت قد نسيتها ولكن حادث تصادم القطارين فى البحيرة جعلنى أتذكرها وقررت سردها لعلنا نعرف لماذا لن ينعدل حال السكة الحديد قى مصر مهما غيرو فى الوزير ومهما أحضروا تكنولوجيا حديثة ومهما صرفوا من أموال.
كنت فى طريقى إلى مدينتى الأقصر ووقفت على باب العربة ووجدت ثلاثه من عمال السكك الحديد يجلسون وقلت لهم أين التطوير الذى تتحدثون عنه فى القطارات الوضع كما هو فئران تجرى هنا وهناك وكراسى لاتصلح للاستخدام الآدمى - رغم أننى كنت أركب فى الدرجه الأولى مكيفة - وأسقف العربات تتدلى منها ألواح الإضاءة فقال لى أحدهم يابيه أنت لم تلاحظ الصراصير تجرى بين زجاج الشبابيك فقلت له لم ألاحظ واستطرد قائلا كيف نعمل وأنا عامل على قطار بضاعة وأحصل على كل كيلو متر يقطعه القطار خمسه قروش فقط وتخيل أن القطار تحرك الساعة السادسه مساءً وقطع مسافة 125 كيلو متر فقط ووصل إلى محطته النهائية الساعة الواحدة ليلا وأنا عائد الآن إلى منزلى واسكن فى الأرياف ولن أجد الآن عربة تقلنى إلى منزلى وعلى أن آخذ سيارة مخصوص وتسال كم أدفع فيها؟
وقال الثانى أنا كمسارى ويتم حساب السفره من القاهره الى أسيوط بخمسه جنيهات فقط ويتم خصم الضرائب منها ولنا 4 سفريات فى الأسبوع أى 20 جنيها وقال الثالث هل يرضيك أننا ناخذ ملالييم ورئيس الهيئه يتردد أنه بياخذ 108 ألف جنيه حوافز شهرية غير مرتبة وبدلاته والامتيازات وخلافه قلت له لايمكن أن يكون هذا الكلام حقيقى هذا مبلغ كبير جدا يعنى مليون و300 ألف جنيه سنويا حوافز قال هذه الحقيقه المسئولين الكبار فى الهيئة وهم على عدد أصابع اليد الواحدة يأخذون ثلث الحوافز لهم أو أكثر والباقى يوزع بالقروش علينا ونحن عددنا بالآلاف وتريدنا أن نعمل كيف؟ قلت له ليس هذا مبرر لكى لاتعمل أنت ارتضيت العمل فى هذا المرفق وارتضيت هذه الوظيفه فعليك أن تفى بمتطلباتها وواجباتها التى تفرضها عليك.
وتركته وعدت إلى مقعدى والرقم يرن فى أذنى العامل ياخذ خمسة قروش مصريه عن كل كيلو متر أى لو قطع فى الشهر كله 10آلاف كيلو متر على قطار بضاعة سيكون حافزه 500 جنيه فقط لاغير، والثانى يجلس على كرسى وثير ومكيف ومقعد وسيارة فارهه ويدير المرفق ويأخذ 108 ألف جنيه شهريا وتساءلت هل هذا عدل قد يكون رئيس السكك الحديدية عقليه فذة فى الإدارة وقد يكون صاحب رؤية كبيرة فى تطوير المرفق وقد يكون الرجل الذى لا أعرف حتى اسمه يسهر ليلا ونهارا فى مكتبه لكن هذا الجاب الواسع بين ما يتقاضاه هو والعامل كبير جدا بل شاسع مثل المسافه بين السماء والأرض.
قد يقول أحد أن هذا المبلغ أقل مما يستحقه الرجل مقارنه بمرتبات وحوافز زملائه فى الدول الأخرى وقد يكون هذا الكلام صحيحا ولكن هل العامل فى الدول الاخرى يتقاضى خمسه قروش على كل كيلوا متر جالسا على قطار بضاعه مكشوف فى النهار والليل وفى الصيف والشتاء قطار يسير بسرعه السحلفاء بقطع مسافه 125 كيلو متر فى 8ساعات وهل من العدل يحصل عدد من قيادات الهيئه على ثلث الحوافز ويتركوا الباقى لعشرات آلاف من العمال والموظفين بها بداية من المديرين وحتى هذا العامل البسيط أنها كارثة أشبه بكوارث السكك الحديدية فى مصر والمواطن هو الذى يدفع حياته ثمنا لأخطاء هؤلاء.
القضية أن الفروق المتفاوتة فى مرتبات المسئولين المصريين ومن يليهم فى القياده كبيره جدا وشاسعة وهو أمر غير موجود الا فى مصر فقط وهو امر يدعوا الاصغر الى الحقد على الاعلى وبالتالى لايحترم قرارته أو تعليماته وتحدث الكارثه تلو الأخرى ويموت من يموت ولكن تبقى الاسباب موجوده والكل يحلم بان يكون رئيسا للهيئة لمده عام واحد فقط ويذهب لانه سوف يدخل بعدها فى دائره المليونيرات.
هذه القضيه ليست فى السكه الحديد فقط ولكن فى كل الهيئات والشركات الحكوميه وحتى فى الوزرات نجد ان موظفى مكتب الوزير يحصلون على الاف الجنيهات شهريا بدون اى مجهود مثلما يحدث فى وزاره الماليه ولكن يجنون ثمار موظفى الضرائب والتامينات وغيرها من هيئات الوزاره ونجد ان مديروا الامن يحصلون على نسب تصل الى 2% من حصيله المخالفات والغرامات وغيرها مما تحصله الوزاره من الناس حتى ان هناك محافظات يتم التقاتل عليها لتولى منصب مدير الامن فيها وكذلك شركه التليفونات فاسألوا كم يتقاضى رئيسها والعضو المنتدب بها وكم يتقاضى المحصل الذى يجلس لتحصيل الفواتير والعامل الذى ياتى اليك لتركيب التليفون هذه امثله على قدر معلوماتى ولكنها واقع مرير ولذا ظهر الحسد والحقد الطبقى واصبح الناس ينظرون الى بعضهم وتركوا اعمالهم وتفرغوا لرصد ماذا احضر زميله وكيف أحضره؟.
إننا نحتاج إلى إعاده تقسيم الثروة ليس فقط بين المصريين وإعاده توزيعها بعدالة حتى يتم تحقيق التنمية ولكن إعاده النظر فى الفوارق بين الأجور والحوافز لعليا القوم وبين العاملين المطحونين انها قضيه جاده وتحتاج إلى عمل فليس بتعديل جدول الأجور ستتحسن الأحوال لأن الفارق سيظل موجودا ولكن بتقليل الفارق بين الأجور وإعاده النظر فى توزيع نظام الحوافز فمن يعمل مع الناس يكون له النصيب الأكبر ومن يقود فله النصيب الأقل حتى يتم تحقيق العدالة وتقترب الأمور من بعضها وقتها ستتطور كل مرافق الدوله والكل يعمل بدون كلل أو ملل.
*نائب رئيس تحرير جريده الوفد