نشرت صحيفة "لوموند" اليوم تقريرا تعلق فيه على الإفراج عن عدد من كوادر حركة الإخوان المسلمين ذاهبة إلى أن هذا القرار لا يعنى تهدئة بال أعضائها، الذى أصبح يدعم عددا كبيرا منهم الدكتور محمد البرادعى فى المرحلة الحالية من معركته لتغيير النظام السياسى فى مصر.
تقول الصحيفة إن قرار إطلاق سراح عدد من كوادر الإخوان المسلمين يوم الخميس الماضى فى دولة يسرى فيها قانون الطوارئ منذ ثلاثين عاما ويسمح باحتجاز كل من لا يرضى عنه النظام لأجل غير مسمى، ليس بالتأكيد مصدر طمأنة لحركة الإخوان التى تستهدفها حملة قمع منذ عدة أشهر.
وهو ما يؤكده خالد حمزة، رئيس تحرير موقع إخوان ويب، والذى التقت به الصحيفة فى القاهرة، قائلا: "إن حكومة مبارك قد قررت أن تطمس وجودنا من المشهد العام" ويوافقه فى هذا الرأى، كما تنقل الصحيفة، عدد من كبار الباحثين المصريين فى هذا الملف مثل خليل العنانى الذى يقول: "إن النظام قرر على ما يبدو استبعاد الإخوان تماما من اللعبة السياسية". فى حين أن الباحث حسام تمام يعتقد أن الإخوان "يواجهون هذه المرة تهديدا وجوديا حقيقيا".
أما عمرو الشوبكى، الذى أصدر كتابا عن الإخوان عن دار النشر الفرنسية Actes Sud، فيتوقع أن هذه الحركة، التى تحظى بتأييد الملايين من المصريين، لن تكون قادرة فى انتخابات 2010 على تكرار ذلك النجاح الذى حققته فى 2005 ويلاحظ الشوبكى أن حملة القمع التى تعصف بالإخوان (على الأقل 330 من أعضاء الحركة لايزالوا محتجزين) قد بدأت فى الواقع فى وقت مبكر عن المعتاد والذى يحدث فى فترات ما قبل الانتخابات".
وتشير الصحيفة هنا إلى التدمير التام الذى تعرض له حسن مالك وخيرت الشاطر وعدد آخر من رجال الأعمال المشتبه فى تمويلهم لأنشطة الحركة، بعد الحكم عليهم فى 2009 بالسجن لمدة سبع سنوات من قبل محاكم عسكرية وخلال جلسات مغلقة وهو ما يؤكد عليه أيضا خالد حمزة قائلا: "بعد أن دمروا مواردنا المالية، يريدون توجيه ضربة سياسية لنا"، مضيفا أن "النظام لن يمنحنا فى أحسن الأحوال فى نوفمبر المقبل سوى خمسة إلى عشرة مقاعد، والضعف إلى أحزاب المعارضة العلمانية التى، كما يعلم الجميع، تخضع له ولا تملك تواجدا لها فى الشارع المصرى".
ويشير خليل العنانى إلى خطر استبعاد الإخوان من الساحة السياسية والذى يمنح بدوره مساحة أكبر للتواجد بالنسبة للسلفيين، وهم الأكثر عرضة للانضمام إلى جماعات العنف نتيجة العزلة التى يعيشونها وتورد الصحيفة اعتقاد البعض بأن هذا هو من الجائز الهدف الذى يرجوه النظام الذى يسعى دائما إلى الظهور، داخل مصر وخارجها، فى صورة الحصن الوحيد ضد الأصولية الإسلامية.
وفى هذا السياق، يتفق كل من خليل العنانى وعمرو الشبكى فى أن "النظام قد يخطئ إذا اعتقد إنه فى ظل الضربات التى يوجهها للحركة، ستنسحب هذه الأخيرة من الحياة السياسية النشطة"، لاسيما وأن المشاركة فى جميع الانتخابات تشكل أمرا جوهريا لهذه الحركة، التى تنتظر منذ عشرين عاما السماح لها بتشكيل حزب سياسى ذى شرعية.. لأن ذلك، كما يؤكد خالد حمزة،"هو السبيل الوحيد للحفاظ على وجودنا وإجبار النظام على الاعتراف بنا، وأيضا لإبقاء الأعضاء مشغولين ومنعهم من التحول بعيدا عن الحركة".
وتلفت الصحيفة النظر هنا إلى أن الخلافات الداخلية التى وقعت مؤخرا داخل الحركة وانتصار الجناح المحافظ على الجناح الإصلاحى الذى يتكون غالبيته من الشباب، قد يدفع بالفعل البعض منهم إلى ترك الحركة.
وهو ما يقلق بشدة قادة الحركة، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، الذى سارع بالإعلان عن أن الإخوان لن ينسحبوا من الحياة السياسية النشطة"، وعن استعدادهم للتعاون مع معارضين آخرين". ومن ثم التقى سعد الكتاتنى، المتحدث باسم المجموعة البرلمانية، بالدكتور محمد البرادعى عند عودته إلى مصر، ليعبر له، بموافقة من المرشد العام، عن دعم الإخوان الحذر له.
وتشير الصحيفة هنا إلى أن البرادعى يظهر بصورة متزايدة كبديل محتمل للنظام الحالى، يقاتل من أجل إصلاح الدستور والعمل على انفتاح النظام السياسى ولا "يعارض وجود حزب سياسى دينى كما كان الحال فى أوروبا مع وجود الديمقراطية المسيحية".. ومن ثم فهو يملك فى هذه المرحلة من معركته دعم الإخوان.
ويعلق حمزة فى نهاية التقرير على هذا الأمر قائلا : "نحن لن نتظاهر معه فى الشارع، لأن هذا من شأنه أن يعرضنا إلى قمع عنيف وفورى من قبل النظام. وعلى الرغم من علمنا بأنه ليس رجل دين، إلا أن العديد من الإخوان يؤيدوه أنا لست متفائل جدا من نجاح حملته الانتخابية، ولكن من يدرى؟ قد يصبح هو فارس التغيير ونحن فرسه".
