اعتاد الناس فى مصر أن يسمعوا حكايات كثيرة عن تقاضى بعض المسئولين للرشوة من أفراد أو شركات داخل الدولة بغرض تسهيل أعمالهم وغض النظر عن بعض المخالفات التى قد تنشأ عنها.
وأصبح للرشوة كيان فى أهم قطاعات العمل بالدولة حيث يتم العمل بها بين أصحاب المصالح الذين فقدوا ضمائرهم ووطنيتهم أو وسيطًا عنهم وبين المسئول عن أى قطاع حكومى وصاحب نفوذ تضعف نفسه أمام المال ويسيل له لعابه أو عن طريق وسيط ينوب عنه، والطرفان يتفقان فى كل الأحوال على كافة التسهيلات بغض النظر عن التجاوزات التى قد ينجم عنها خسائر فادحة فى الأموال العامة وربما فى أرواح المواطنين وكل ما فى الأمر هو أن تتم المصلحة وفق هوى الراشى لقاء ما يدفعه من مال قليل والذى يعلم بأنه سيسترده فى فترة وجيزة من دم الشعب المسكين أضعافا مضاعفة دون أن يعنيه الناس الذين يعيشون تحت خط الفقر وهم يتضورون من وطأته ألما وجوعا.
فى حين أن المسئول المرتشى الذى قبل المساومة وباع ضميره يتمتع بحصة المال التى فاز بها جراء تواطئه وهو يغرد بغنيمته خارج السرب بلا حسيب أو رقيب، وهكذا جرت العادة فى الشأن الداخلى نسمع ونرى ولا يزيد أحد منا كلمة إلا أن يقول حسبنا الله ونعم الوكيل.
ولكن الغريب فى الأمر حقا ما نسمعه اليوم على الصعيد الدولى من أنباء نشرتها الصحف المصرية كما أذاعتها القنوات الفضائية المصرية الخاصة، نقلا عن الصحف الأمريكية والتى نشرت ضمن صفحاتها حكم المحكمة الأمريكية الصادر ضد إحدى الشركات والذى قضى بتغريم الشركة مبالغ مالية طائلة لتورّطها فى دفع رشاوى لمسئولين حكوميين لقبول توكيلاتها فى بعض دول منطقة الشرق الأوسط وعلى رأسها مصر، وهذا لا يمنح فرصة للشركات المنافسة وفى الحقيقة أن هذه الصحف قد سربت هذه الأخبار ولكنها لم تذكر لنا اسم المسئول المصرى وإن كانت قد ذكرت المبالغ التى تقاضاها على دفعتين، فأما الدفعة الأولى فقدرت بمليون مارك ألمانى وكسور، وهو ما يعادل ثلاثة ملايين ونصف مليون جنيه مصرى.. وأما الدفعة الثانية فقدرت بمبلغ مليونين ونصف مليون جنيه مصرى.. ورغم أهمية الموضوع الذى شغل الرأى العام فى مصر فى الأيام الفائتة إلا أن الجهات المعنية فى الدولة لا تزال غارقة فى الصمت ولم تتكرم على المواطنين بأن تقدم لهم توضيحا شافيا لما يجرى على الساحة العالمية حيث إن الموضوع هذه المرة جاء من الخارج وأصبح ملء السمع والبصر، ويصعب تعتيمه أو التكتم عليه ولا ينفع لها أن تأخذ بالحكمة القائلة إذا كان الكلام من فضه فالسكوت من ذهب.
لأن ذلك سيفتح باب الاجتهاد أمام المواطنين، ومنهم من سيخطئ فى استنتاجه لحقيقة الأمر ومنهم من سيصيب كبد الحقيقة خاصة وأن أرض الاختلاسات والرشاوى تعد هذه الأيام أكثرة خصوبة فى مناطق النفوذ والقوة وسدا للذرائع وعملا بالحديث النبوى الشريف " دع ما يريبك إلى ما لا يريبك " وحتى تقطع الجهات المعنية الشك فى نفوس المواطنين من أن يمتد بهم إلى أكثر من مسئول يرونه قد تورط مع هذه الشركة فى هذا الشأن فلابد لهذه الجهة من إعلانها عن أنها ستجرى تحقيقا مع هذا المسئول الحكومى المتورط وستحاسبه إن ثبت تورطه وستحاسب غيره من الذين ينسجون على منواله فى قطاعات حكومية أخرى داخل مصر وخارجها . واعتقد بذلك ستهدأ ثائرة النفوس وتنجلى حقيقة الأمر فتفهما كل العقول.
رمضان محمود عبد الوهاب يكتب: المسئول المرتشى من سيحاسبه؟
الأحد، 11 أبريل 2010 03:51 م
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة