محمد حمدى

عقدة المشايخ

السبت، 10 أبريل 2010 12:16 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
منذ أيام كنت مع الدكتور جابر عصفور لإجراء حوار صحفى حول مستقبل مصر، وقال لى إن أكبر مشكلة تواجه مصر هى عقدة المشايخ، لم يكن يقصد رجال الدين، وإنما كبار السن، أى عدم تدوير النخب السياسية والثقافية فى هذا البلد، بمعنى عدم إفساح الطريق لأجيال جديدة تتسلم الراية فى المجالات كافة.

وباستثناء الصحافة التى أفرزت نجوما جددا قد نتفق أو نختلف فى مهنيتهم وأحقيتهم بالمناصب التى تولوها، لكن لا يبدو أن هذا الاتجاه لتجديد النخبة المصرية ليس له صدى أو على الأقل صداه ضعيف جدا فى سائر مجالات الحياة.

وفى مجتمع شاب مثل المجتمع المصرى أكثر من نصف سكانه من الشباب، لا تجد تمثيلا مساويا لهذه النسبة الشبابية فى المجتمع فى مراكز القيادة وصناعة القرار، أو حتى توجيه الرأى العام، بما يعنى أننا أمة شابة الجسد، لكن رأسها شاخ، مما يعنى الفصل بين الجسد والرأس وهى أزمة لا تقل خطورة عن الفقر والجهل والتعصب.

قال لى الدكتور جابر عصفور: لن أشعر بأن مهمتى قد اكتملت إلا إذا أنشأت مركزا لتدريب كوادر جديدة على الترجمة، وهو بالطبع يتحدث عن مكانه فى المركز القومى للترجمة والنشر الذى يديره الآن، لكن السؤال أين مثل هذه المراكز فى هيئات ومؤسسات الدولة الأخرى؟.

تقوم النظرية اليابانية فى الإدارة على أن المدير الناجح هو من لا يشعر بغيابه أى أحد، والمعنى ليس فى أن وجوده مثل عدمه، وإنما فى أنه بنى مستويات من الإدارة تسمح باستمرار العمل حتى فى حالة غياب الرأس، لأن الآلية كاملة تعمل دون انتظار حضور المدير أو موافقته الشخصية على كل ما يدور فى مؤسسته.

وتقوم النظرية المصرية فى الإدارة على أن المدير الناجح هو من يمسك بكل الخيوط فى يديه، وغالبا ما يختار من هم أضعف منه، حتى لا يشكلون خطرا على استمراريته، وتقريبا لا تعتمد أى مؤسسة نظاما لتدريب وتأهيل القيادات وإعداد الكوادر، بحيث يصبح غياب أى مسئول كارثة للمؤسسة التى يديرها.

وما ينطبق على الإدارة من وحدة محلية لقرية صغيرة، ينطبق أيضا على الوزارات والمصالح الحكومية الكبيرة وصولا إلى قمة النظام السياسى فى الدولة، بحيث أصبح الخوف من غياب رأس السلطة يمثل هاجسا لدى الكثيريين، فى ظل عدم تأهيل أشخاص مناسبين للقيادة فى الحزب الحاكم وحتى أحزاب المعارضة وفى الدولة بشكل عام.

وحتى نتخلص من عقدة المشايخ، وندعم الأجيال الجديدة ونفتح الباب لأجيال الشباب والوسط، ونبدأ فى تدريبهم وإعدادهم للقيادة، ستظل مصر تسير فى اتجاهين متعارضين لأن رؤوسها فى معظم المواقع شاخت فى مناصبها، بينما الجسد شاب، ويسير فى اتجاه آخر، ويشعر وكأن الرأس الذى يقود هذا الجسد ليس منه، وإنما ينتمى إلى جسد آخر مختلف فى العمر والعقل والتفكير والحلم.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة